اسم الکتاب : تصحيح القراءة في نهج البلاغة المؤلف : البغدادي، الشيخ خالد الجزء : 1 صفحة : 61
وإن ارتدّ أو كفر أو
فسق ، فهو عادل قد رضي الله عنه ورضي هو عن الله ، فهذا ممّا يرفضـه الشرع
والعقل معاً ، ولا يوجد عليه دليل قطعاً ، بل القائل به خارج عن جماعة
العقلاء والمتشرّعة.
أمّا المهاجرون والأنصار من غير
السابقين الأوّلين فحالهم حال سائر الناس في توقّف حُسن حالهم علىٰ إحراز اتّباعهم الحسن.
أمّا قوله تعالىٰ : (لَّقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ
يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ
وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا) ، فهو دالّ علىٰ أنّ الله سبحانه راض عن
بيعة المؤمنين ، ولم يقل سبحانه أنّه راضٍ عن جميع المبايعين ، أو أنّه
راضٍ عن الّذين بايعوا ، هكذا بشكل مطلق يستفاد منه العموم ، وإنّما قيّد
سبحانه رضاه بـ : « المؤمنين » فقط ، وعندها علينا إحراز إيمان الشخص
المراد شموله بهذه الآية أوّلاً ، حتّىٰ نقول بعد ذلك : إنّه داخل تحت عموم
آية الرضوان ، وأنّه حقّاً من الّذين رضي الله عنهم. وإلاّ ـ أي عند الشكّ
في الموضوع ، وهو الشخص المراد تعديله بهذه الآية ـ لا يصحّ التمسّك
بالعموم ؛ لأنّه من قبيل التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقية ، وهو محلّ
منع عند الأُصوليّين.
فقولنا ـ مثلاً ـ : أكرم العلماء ، لا
يصحّ شموله لزيد ـ فيما إذا كان مصداقاً مشكوكاً في كونه عالماً أو لا ـ ما
لم نحرز أنّه عالم حقّاً ; ليصحّ عندئذٍ إكرامه ودخوله في حكم وجوب
الإكرام ، وأمّا إدخاله في حكم العامّ ـ أي كونه من العلماء الّذين يجب
إكرامهم ـ مع الشكّ في كونه عالماً ، فهذا محلّ منع ، ولا يمكن المصير إليه
; وذلك لأنّ حكم العامّ لا يحرز موضوعه بنفسه ، بل إحراز الموضوع بتمامه
يجب أن يتمّ في مرحلة متقدّمة عن الحكم ليصـدق انطباقه عليه.
اسم الکتاب : تصحيح القراءة في نهج البلاغة المؤلف : البغدادي، الشيخ خالد الجزء : 1 صفحة : 61