حال ، فالتعليل بنفسه يقتضي صحة الاتيان بالأقل حتى في صورة العمد والعلم ، غاية الأمر يكون عاصيا ومعاقبا لتركه ومخالفته لامتثال الأمر بتلك الاجزاء الظاهر في وجوبها ، فيكون مقتضى الجمع بين الدليلين أنها واجبة بنحو الواجب في الواجب ، خصوصا لمثل صحيحة زرارة التي صرّحت بأنّ ما سوى ذلك سنّة في فريضة .
ولعل هذا الوجه هو الذي دعا مثل الشيخ محمد تقي الشيرازي (قدس سره) أن يلتزم باطلاق القاعدة لصورة الاخلال العمدي أيضا ، فحكم بصحة الصلاة وعدم الاعادة لو تركها عمدا رغم وجوب الاتيان بها ضمن الفريضة وكونه عاصيا بذلك مستحقا للعقوبة ، بل لعل ظاهر الشيخ (قدس سره) في النهاية في مبحث وجوب السورة في الصلاة ذلك أيضا . ومثله أيضا ماثبت في الحج من وجوب بعض الاعمال فيه رغم عدم بطلان الحج بتركه ولو عمدا ، كطواف النساء والرمي والمبيت بمنى .
وبهذا البيان ظهر وجه الاشكال فيما يقال من أنّ شمول حديث « لاتعاد » لصورة العمد والعلم يستوجب المناقضة مع أدلّة الجزئية والشرطية ؛ فإنّ هذا فرع أن يكون هناك أمر واحد لا أمران بنحو الواجب في الواجب ، وهو فرع عدم الاستظهار المتقدم من التعليل الوارد في روايات الباب ، وإلاّ كان الظهور المذكور بنفسه بيانا على أنّ الأمر بالاجزاء غير الركنية من الواجب في واجب ، لا الجزئية لأمرٍ واحد .
والصحيح في دفع هذا الوجه الفنّي أن يقال بأنّ جملة من الروايات المبيّنة للاجزاء غير الركنية والمعبّرة عنها بالسنّة قد ورد الأمر بالاعادة فيها إذا أخلّ بها عمدا ، من قبيل صحيحتي زرارة ومحمد بن مسلم الواردتين في القراءة ، وهذا كالصريح في عدم كون القراءة من قبيل الواجب في الواجب ، وإلاّ لم يكن مجال للاعادة ، بل ظاهرها بطلان العمل المأتي به أولاً