الثانية: أنّ مفادها هل يكون نفي الاعادة بالملاك والتصور الأوّل من التصورين المتقدم بيانهما في الأمر الثالث من المقدمة ، أو بالتصور الثاني وبأيّة كيفية ؟ وهذان البحثان مهمان ، ويترتب عليهما ثمرات عملية كما سوف يظهر .
أما البحث عن الناحية الاُولى :
فالمشهور استظهروا من الطهور الذي هو أحد الخمسة التي تعاد الصلاة منها : خصوص الطهارة من الحدث . والسيد الشهيد الصدر (قدس سره) أثار شبهة الاجمال في الرواية ، واحتمال أن يراد بالطهور فيها الطهارة من الخبث الذي هو شرط في الصلاة ومذكور في القرآن أيضا بقوله تعالى : {وثيابَك فطهِّر } (12)، فلا يمكن التمسك بإطلاق القاعدة للاخلال بالطهارة الخبثية باعتبار سريان إجمال المستثنى إلى المستثنى منه لا محالة .
إلاّ أنّ الانصاف: أنّ ما فهمه المشهور من اختصاص الطهور في القاعدة بالطهارة من الحدث هو الاوفق والاظهر ؛ وذلك بأحد وجوه :
1 ـ إنّ من يراجع ألسنة الروايات واستعمالات كلمة الطهور فيها يلاحظ أنّها تطلق على الطهارة المضافة إلى المكلّف بما هو إنسان ، لا الطهارة الخبثية التي هي صفة للثوب أو الجسد ويعبّر عنه غالبا بالنظافة أو الطهارة في الروايات لا الطهور ، نعم ورد في حديث الأربعمئة في الخصال : « وغسل الثياب يذهب الهمّ والحزن ، وهو طهور للصلاة » (13)إلاّ أنّه نادر جدّا ، فلا يبعد دعوى الاطمئنان بانصراف كلمة الطهور في استعمالات الشارع خصوصا في باب الصلاة إلى الطهارات الثلاث التي صرّح بها القرآن الكريم في آيات عديدة جعلتها شرطا للقيام إلى الصلاة ، فشيوع استعمال الطهور في الطهارة الحدثية بالخصوص ـ التي اعتبرت حالة باقية للانسان ، ولهذا يقال هو على طهور ـ وارتكازية أمر القرآن الكريم بذلك في آيات واضحة صريحة يوجبان
(12)المدثّر : 4 . (13)الخصال : 612، وفي السند القاسم بن يحيى ، وهو لم يوثّق .