إلاّ أنّ الانصاف عدم التهافت فيما بينها ؛ لأنّ الطائفة الثالثة كصحيح الحلبي التي ذكرت الاثلاث الثلاثة للصلاة لم تذكر ذلك بعنوان الفرائض لكي يتنافى مع الخمسة أو السبعة ، فلعلّها ناظرة إلى الافعال المستقلة العبادية التي يقوم بها المكلّف ، لا مطلق القيود حتى التي تكون وصفا وحالة للصلاة ، أو يكون المراد منها إبراز أهمية الأركان الثلاثة بالخصوص وعدم قبول أي إخلال بها بخلاف الركنين الآخرين حيث سوف يأتي في الخاتمة ثبوت نحو توسعة فيهما ، والطائفة الثانية التي ذكرت الركوع والسجود فقط ناظرة إلى الاجزاء والسهو الواقع داخل الصلاة لا مطلق القيود المعتبرة حتى التي محلّها قبل الدخول في الصلاة كما أشرنا سابقا .
وأمّا الخمسة والسبعة الواردتان في صحيحي زرارة في الطائفة الاُولى في مقام تعداد مافرضه اللّه في الصلاة فأيضا لاتنافي بينهما ؛ لأنّ التوجّه يراد به النية وقصد الصلاة ، والتوجه إلى اللّه سبحانه والدعاء يراد به ذكر اللّه سبحانه ، وهما مقوّمان لعنوان الصلاة ومفهومها لغة وعرفا ، فعدم ذكرهما في صحيحة زرارة المتعرّضة لقاعدة « لاتعاد » لاينافي ركنيتهما ولزوم الاعادة من الاخلال بهما ؛ لأنّ نظر الصحيحة إلى ما اعتبر من القيود في الصلاة بفرض اللّه بعد الفراغ عن تحقق أصل الصلاة خارجا ، ومما يدل على ذلك أن التعبير ورد فيها بعنوان « لاتعاد الصلاة » وهو لا يكون إلاّ مع فرض تحقّق الصلاة أولاً المتوقف على تحقق التوجه والنية والذكر ، وإلاّ لم يكن صلاة في الخارج حقيقة ليصدق الاعادة ، وهذا واضح .
ثم إنّه يجدر البحث في فقه هذه القاعدة من ناحيتين اُخريين :
إحداهما: في المراد من الطهور فيها وأنّه خصوص الطهارة الحدثية أو الخبثية أو كلاهما .