فرمقته بعينها حتى انتهى إليها فإذا هو محمّد (صلى الله عليه و سلم)- و كان بعث ميسرة أمامه ليبشر خديجة بما أصابوا في سفرهم من المنفعة-، فلما أن دخل عليها سألته ثم قالت له: أ لا تتزوج؟ قال: من أين لي الزوج؟ قالت: أنا، قال: و من لي بك؟ أنت أم قريش، و أنا يتيم قريش، قالت: اخطبني إلى أبي- و كانت تبعث إلى النبي (صلى الله عليه و سلم) بشيء ليبعث به إلى أبيها حتى يرغب فيه فيزوجه-.
- في الليلة الظلماء، و ينظر إليه الناظر حتى يسأم، قال عمار: فلحقتني هالة فقالت: يا عمار، أ ما لصديقك هذا حاجة في خديجة؟ قال: فلم يكن حاجتها المال، إنما كان حاجتها الصلاح، فقلت: و اللّه ما أدري! قالت:
فأخبره، فأتيت رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم) فأخبرته، فقال: واضعها وعدها يوما نأتيها فيه، قال: ففعلت، فلما كان ذلك اليوم سقت عمها عمرو بن أسد حتى سكر، ثم دهنته بدهن أصفر، و طرحت عليه بردة حبرة، و جاء رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم) في نفر من أصحابه و تزوجها ثم انصرفوا، فلما أفاق الشيخ قال: ما هذه النقيعة- يعني البقرة- و ما هذا البرد، و ما هذا الدهن؟ قالوا: هذه نقيعة و برد أهداه لك ختنك، قال: و من ختني!؟ قال: محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب، فصاح و خرج يشتد حتى أتى باب الكعبة، فقال: يا معشر قريش إن خديجة و هالة غلبتاني على نفسي، و زعمتا أني زوجت رجلا لا أعرفه، فكيف يكون هذا؟ فخلا به بنو هاشم فقالوا له: لا تكلم بهذا، فنحن نشهد أنك زوجته، فقال: ابعثوا إليه حتى أنظر إليه، فو اللّه ما أعرفه! فلما نظر إليه قال: إن كنت زوجته فكسبيل ذاك، و إن و لم أكن زوجته فأشهدكم أني قد زوجته.
قال: فكان عمار يقول: هذا تزويج رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم) خديجة، و يغضب إذا قيل: استأجرته و أرسلته.
أخرجه البيهقي في الدلائل [2/ 71]، و من طريقه ابن عساكر في تاريخه [3/ 188].