قال: فأقر اللّه عينه و فرح أبو طالب فرحا شديدا و قال: الحمد للّه الذي أذهب عنا الكرب، و دفع عنا الهموم.
قال: فأفاق الشيخ من سكره فقال: ما هذا الذي أسمع؟ قالوا:
هذا الذي صنعت، قال: ما الذي صنعت؟ قالوا: زوجت خديجة بنت خويلد، قال: ممن؟ قالوا: من محمد بن عبد اللّه، قال: أنا أزوج بنت أخي من يتيم أبي طالب الفقير؟! قالوا: قد زوجته، و قبلت منه حلة، قال: فقام و دخل عليها يريد شتمها فقالت: يا عم هل تنقم من محمد (صلى الله عليه و سلم) حسبا و نسبا؟ قال: لا، و لكنه معدم لا مال له، قالت: فإن يكن محمد (صلى الله عليه و سلم) معدما فإن عندي ما يسعني و يسعه و يسعك، قال: أ فرضيت بمحمد (صلى الله عليه و سلم) بعلا؟ قالت: نعم، فرضي الشيخ و طابت نفسه.
141- و يقال: كان لنساء قريش عيد يجتمعن فيه في الجاهلية، فإذا هن بيهودي في ذلك العيد فقال: ويحكن يا معشر نساء قريش ويحكن، إنه ليوشك أن يبعث فيكن نبي، فأيتكن استطاعت أن تكون له أرض يطأها فلتفعل، فحصبنه، و طردنه، و وقر ذلك القول في قلب خديجة رضي اللّه عنها.
(141)- قوله: «فأيتكن استطاعت أن تكون له أرض»:
أخرج الزبير بن بكار في أزواج النبي (صلى الله عليه و سلم) من حديث الليث: أن خديجة رضي اللّه عنها استأجرته بسقب يدفعه إليه غلامها ميسرة إذا رجع من سفره، فرأى ميسرة من يمنه و خلقه و البركة في سفره، و الزيادة في الربح ما اشتد به حبه إياه، فقدم و هو يهتف به، فسبق إلى خديجة فأخبرها خبر ما أصاب من الظفر و الربح، و ما رأى من رسول اللّه (صلى الله عليه و سلم)، قالت: فأرنيه، فلما أقبلت العير أشار لها إليه، و إذا سحابة تظله، و تسير معه، فأمرت له بسقب آخر، و علقه قلبها لما أراد اللّه بها من السعادة.-