قال الملك: هذا حينه الذي يولد فيه- أو قد ولد- اسمه محمد، بين كتفيه شامة، يموت أبوه و أمه و يكفله جده و عمه، و أعداؤه يكيدونه مرارا، و اللّه باعثه جهارا، و جاعل له منا أنصارا، يعز بهم أولياءه، و يذل بهم أعداءه، و يضرب بهم الناس عن عرض، و يستبيح بهم الأرض، يعبد الرحمن، و يدحض الشيطان، و يكسر الأوثان، و يخمد النيران، قوله فصل، و حكمه عدل، يأمر بالمعروف و يفعله، و ينهى عن المنكر و يبطله.
فقال له عبد المطلب: أيها الملك عز جدك، و دام ملكك، و علا كعبك، فهل الملك سارّني بإفصاح، فقد وضح لي بعض الإيضاح؟
قال الملك سيف بن ذي يزن: و البيت ذي الحجب، و العلامات على النصب، إنك يا عبد المطلب لجده غير الكذب.
قال: فخرّ عبد المطلب ساجدا، فقال الملك: ارفع رأسك، ثلج صدرك، و علا كعبك، فهل أحسست بشيء مما ذكرت لك؟
قال: نعم أيها الملك، إنه كان لي ابن، و كنت به معجبا، و عليه رفيقا، و إني زوجته كريمة من كرائم قومي: آمنة بنت وهب بن عبد مناف ابن زهرة، فجاءت بغلام فسميته محمدا، مات أبوه و أمه و كفلته أنا و عمه.
قال ابن ذي يزن: إن الذي قلت لك كما قلت، فاحفظه، و احذر قوله: «يعز بهم أولياءه»:
في الأصل: «يعز به أولياءه، و يذل به أعداءه» فكأن الضمير فيها يعود للنبي (صلى الله عليه و سلم)، و يشكل عليه ما بعده قوله: و يضرب بهم الناس، و الضمير فيها يعود على الأنصار الذين ذكرهم الملك و أنهم من قومه، و في جميع المصادر: يعز بهم أولياءه و يذل بهم أعداءه.