اسم الکتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : أحمد بن محمد القسطلاني الجزء : 1 صفحة : 270
من نخلة على العموم، تنبيه على كراهة قطع ما يقتات و يغذو من شجر العدو إذا رجى أن يصل إلى المسلمين.
قال ابن إسحاق: و قد كان رهط من بنى عوف بن الخزرج منهم عبد اللّه ابن أبى ابن سلول بعثوا إلى بنى النضير: أن اثبتوا و تمنعوا، فإنا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، و إن أخرجتم خرجنا معكم. فتربصوا، فقذف اللّه فى قلوبهم الرعب، فلم ينصروهم فسألوا رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلم- أن يجليهم عن أرضهم و يكف عن دمائهم.
و عند ابن سعد: أنهم حين هموا بغدره- صلى اللّه عليه و سلم- و أعلمه اللّه بذلك، بعث إليهم محمد بن مسلمة: أن اخرجوا من بلدى فلا تساكنونى بها، و قد هممتم بما هممتم به من الغدر، و قد أجلتكم عشرا، فمن رؤى منكم بعد ذلك ضربت عنقه.
فمكثوا على ذلك أياما يتجهزون، و تكاروا من أناس من أشجع إبلا، فأرسل إليهم عبد اللّه بن أبى: لا تخرجوا من دياركم، و أقيموا فى حصونكم فإن معى ألفين من قومى من العرب يدخلون حصونكم و تمدكم قريظة و حلفاؤكم من غطفان، فطمع حيى فيما قاله ابن أبى، فأرسل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم-، إنا لا نخرج من ديارنا، فاصنع ما بدا لك.
فأظهر- صلى اللّه عليه و سلم- التكبير، و كبر المسلمون بتكبيره، و سار إليهم- صلى اللّه عليه و سلم- فى أصحابه، فصلى العصر بفناء بنى النضير، و على يحمل رايته، فلما رأوا رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلم- قاموا على حصونهم، و معهم النبل و الحجارة، و اعتزلهم ابن أبى و لم يمنعهم، و كذا حلفاؤهم من غطفان، فيئسوا من نصرهم، فحاصرهم- صلى اللّه عليه و سلم- و قطع نخلهم، و قال لهم- عليه الصلاة و السلام-:
«اخرجوا منها، و لكم دماؤكم و ما حملت الإبل إلا الحلقة»- و هى بإسكان اللام قال فى القاموس، الدرع- فنزلت يهود على ذلك فحاصرهم خمسة عشر يوما، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم [1].