اسم الکتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : أحمد بن محمد القسطلاني الجزء : 1 صفحة : 230
و لما قدم أبو سفيان بن الحارث من بدر لمكة، سأله أبو لهب عن خبر قريش.
فقال: و اللّه ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا كيف شاءوا، و يأسروننا كيف شاءوا، و ايم اللّه- مع ذلك- ما لمت الناس. لقينا رجال بيض على خيل بلق [1] بين السماء و الأرض، و اللّه لا يقوم لها شيء.
قال أبو رافع- مولى رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلم- و كان غلاما للعباس بن عبد المطلب قال: و كان الإسلام قد دخلنا- فقلت: و اللّه تلك الملائكة. فرفع أبو لهب يده فضربنى فى وجهى ضربة، فقامت أم الفضل إلى عمود فضربت به فى رأس أبي لهب و قالت: استضعفته أن غاب عنه سيده.
قال: فو اللّه ما عاش إلا سبع ليال، حتى رماه اللّه بالعدسة، و هى قرحة كانت العرب تتشاءم بها. و قيل إنها تعدى أشد العدوى، فتباعد عنه بنوه حتى قتله اللّه، و بقى بعد موته ثلاثا لا تقرب جنازته و لا يحاول دفنه. فلما خافوا السبة فى تركه حفروا له ثم دفعوه بعود فى حفرته، و قذفوه بالحجارة من بعيد حتى واروه.
و قال ابن عقبة: أقام النوح على قتلى قريش شهرا.
ثم سرية عمير بن عدى الخطمى، و كانت لخمس ليال بقين من رمضان، على رأس تسعة عشر شهرا من الهجرة، إلى عصماء بنت مروان- زوج يزيد ابن زيد الخطمى- و كانت تعيب الإسلام، و تؤذى رسول اللّه- صلى اللّه عليه و سلم-، فجاءها ليلا، و كان أعمى، فدخل عليها بيتها، و حولها نفر من ولدها نيام، منهم من ترضعه، فجسها بيده، و نحى الصبى عنها، و وضع سيفه على صدرها، حتى أنفذه من ظهرها. ثم صلى الصبح معه- صلى اللّه عليه و سلم- بالمدينة و أخبره بذلك، فقال:
«لا ينتطح فيها عنزان» [2] أى لا يعارض فيها معارض و لا يسأل عنها فإنها هدر.
[1] البلق: سواد و بياض، و ارتفاع التحجيل إلى الفخذين.
[2] أخرج القصة ابن عساكر بنحوه، كما فى «كنز العمال» (25491).
اسم الکتاب : المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : أحمد بن محمد القسطلاني الجزء : 1 صفحة : 230