responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 86

عظم على أبي طالب هذا الوعيد و التهديد الشديد، فبعث إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و قال له: يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني، فقالوا لي كذا و كذا، فأبق عليّ و على نفسك، و لا تحملني من الأمر ما لا أطيق، فظن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) أن عمه خاذله، و أنه ضعف عن نصرته، فقال: يا عم! و اللّه لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر- حتى يظهره اللّه أو أهلك فيه- ما تركته، ثم استعير و بكى، و قام، فلما ولى ناداه أبو طالب فلما أقبل قال له: اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت، فو اللّه لا أسلمك لشي‌ء أبدا [1].

و أنشد:

و اللّه لن يصلوا إليك بجمعهم‌* * * حتى أوسد في التراب دفينا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة* * * و أبشر و قر بذاك منك عيونا [2]

قريش بين يدي أبي طالب مرة أخرى‌

و لما رأت قريش أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) ماض في عمله؛ و عرفت أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، و أنه مجمع لفراقهم و عداوتهم في ذلك، فذهبوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة و قالوا له: يا أبا طالب إن هذا الفتى أنهد فتى في قريش و أجمله، فخذه فلك عقله و نصره، و اتخذه ولدا فهو لك، و أسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي خالف دينك و دين آبائك، و فرق جماعة قومك و سفه أحلامهم، فنقتله، فإنما هو رجل برجل، فقال:

و اللّه لبئس ما تسومونني، أ تعطوني ابنكم أغذوه لكم، و أعطيكم ابني تقتلونه. هذا و اللّه ما لا يكون أبدا. فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف: و اللّه يا أبا طالب لقد أنصفك قومك، و جهدوا على التخلص مما تكره، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا، فقال: و اللّه ما أنصفتموني، و لكنك قد أجمعت خذلاني و مظاهرة القوم عليّ، فاصنع ما بدا لك‌ [3].

لا تذكر المصادر التاريخية زمن هاتين الوفادتين، لكن يبدو بعد التأمل في القرائن و الشواهد أنهما كانتا في أواسط السنة السادسة من النبوة، و أن الفصل بين الوفادتين لم يكن إلا يسيرا.


[1] ابن هشام 1/ 265، 266.

[2] مختصر سيرة الرسول للشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي ص 68.

[3] ابن هشام 1/ 266، 267.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 86
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست