responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 84

إلى المسلمين، و دعاهم، فحضروا، و كانوا قد أجمعوا على الصدق كائنا ما كان. فقال لهم النجاشي: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم، و لم تدخلوا به في ديني و لا دين أحد من هذه الملل؟

قال جعفر بن أبي طالب- و كان هو المتكلم عن المسلمين-: أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية، نعبد الأصنام و نأكل الميتة، و نأتي الفواحش، و نقطع الأرحام، و نسي‌ء الجوار، و يأكل منا القوي الضعيف، فكنا على ذلك، حتى بعث اللّه إلينا رسولا منا، نعرف نسبه و صدقه و أمانته و عفافه، فدعانا إلى اللّه لنوحده و نعبده، و نخلع ما كنا نعبد نحن و آباؤنا من دونه من الحجارة و الأوثان، و أمرنا بصدق الحديث، و أداء الأمانة، و صلة الرحم، و حسن الجوار، و الكف عن المحارم و الدماء، و نهانا عن الفواحش، و قول الزور، و أكل مال اليتيم، و قذف المحصنات، و أمرنا أن نعبد اللّه وحده، لا نشرك به شيئا، و أمرنا بالصلاة و الزكاة و الصيام- فعدد عليه أمور الإسلام- فصدقناه، و آمنا به، و اتبعناه على ما جاءنا به من دين اللّه، فعبدنا اللّه وحده، فلم نشرك به شيئا، و حرمنا ما حرم علينا، و أحللنا ما أحلّ لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا، و فتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة اللّه تعالى، و أن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا و ظلمونا و ضيقوا علينا، و حالوا بيننا و بين ديننا، خرجنا إلى بلادك، و اخترناك على من سواك، و رغبنا في جوارك، و رجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك.

فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به عن اللّه من شي‌ء؟ فقال له جعفر: نعم! فقال له النجاشي: فاقرأه عليّ. فقرأ عليه صدرا من‌ كهيعص‌، فبكى و اللّه النجاشي حتى اخضلت لحيته، و بكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم، ثم قال لهم النجاشي: إن هذا و الذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا، فلا و اللّه لا أسلمهم إليكما و لا يكادون- يخاطب عمرو بن العاص و صاحبه- فخرجا، و قال عمرو بن العاص لعبد اللّه بن ربيعة: و اللّه لآتينهم غدا عنهم بما أستأصل به خضراءهم. فقال له عبد اللّه بن ربيعة: لا تفعل، فإن لهم أرحاما و إن كانوا قد خالفونا، و لكن أصر عمرو على رأيه.

فلما كان الغد قال للنجاشي: أيها الملك! إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولا عظيما، فأرسل إليهم النجاشي يسألهم عن قولهم في المسيح، ففزعوا، و لكن أجمعوا على الصدق، كائنا ما كان، فلما دخلوا عليه، و سألهم قال له جعفر: نقول فيه الذي جاءنا به نبينا (صلّى اللّه عليه و سلم): هو عبد اللّه و رسوله و روحه و كلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست