responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 83

دونه مكة ساعة من نهار، و عرفوا جلية الأمر، رجع منهم من رجع إلى الحبشة، و لم يدخل في مكة من سائرهم أحد إلا مستخفيا، أو في جوار رجل من قريش‌ [1].

ثم اشتد عليهم و على المسلمين البلاء و العذاب من قريش، وسطت بهم عشائرهم، فقد كان صعب على قريش ما بلغها عن النجاشي من حسن الجوار، و لم ير رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بدا من أن يشير على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرة أخرى، و كانت هذه الهجرة الثانية أشق من سابقتها، فقد تيقظت لها قريش و قررت إحباطها، بيد أن المسلمين كانوا أسرع، و يسر اللّه لهم السفر، فانحازوا إلى نجاشي الحبشة قبل أن يدركوا.

و في هذه المرة هاجر من الرجال ثلاثة و ثمانون رجلا إن كان فيهم عمار، فإنه يشك فيه، و ثمان عشرة أو تسع عشرة امرأة [2]. و بالأول جزم العلامة محمد سليمان المنصور فوري‌ [3].

مكيدة قريش بمهاجري الحبشة

عزّ على المشركين أن يجد المهاجرون مأمنا لأنفسهم و دينهم، فاختاروا رجلين جلدين لبيبين، و هما: عمرو بن العاص، و عبد اللّه بن أبي ربيعة- قبل أن يسلما- و أرسلوا معهما الهدايا المستطرفة للنجاشي و لبطارقته، و بعد أن ساق الرجلان تلك الهدايا إلى البطارقة، و زوداهم بالحجج التي يطرد بها أولئك المسلمون، و بعد أن اتفقت البطارقة أن يشيروا على النجاشي بإقصائهم، حضرا إلى النجاشي، و قدما له الهدايا ثم كلماه، فقالا له:

أيها الملك، إنه قد ضوى إلى بلدك غلمان سفهاء، فارقوا دين قومهم، و لم يدخلوا في دينك، و جاءوا بدين ابتدعوه، لا نعرفه نحن و لا أنت، و قد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم و أعمامهم و عشائرهم، لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عينا، و أعلم بما عابوا عليهم، و عاتبوهم فيه.

و قالت البطارقة: صدقا أيها الملك! فأسلمهم إليهما، فليرداهم إلى قومهم و بلادهم.

و لكن رأى النجاشي أنه لا بد من تمحيص القضية، و سماع أطرافها جميعا، فأرسل‌


[1] نفس المصدر 5/ 188. زاد المعاد 1/ 24، 2/ 44، و ابن هشام 1/ 364.

[2] انظر زاد المعاد 1/ 24، رحمة للعالمين 1/ 61.

[3] انظر المصدر الأخير.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 83
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست