responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 386

و قيل: يا رسول اللّه ادع على ثقيف، فقال: «اللهم اهد ثقيفا و آت به».

قسمة الغنائم بالجعرانة

و لما عاد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بعد رفع الحصار عن الطائف، مكث بالجعرانة بضع عشرة ليلة لا يقسم الغنائم، و يتأنى بها، يبتغي أن يقدم عليه وفد هوازن تائبين، فيحرزوا ما فقدوا، و لكنه لم يجئه أحد، فبدأ بقسمة المال، ليسكت المتطلعين من رؤساء القبائل و أشراف مكة، فكان المؤلفة قلوبهم أول من أعطي و حظي بالأنصبة الجزلة.

و أعطي أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية و مائة من الإبل، فقال: ابني يزيد؟ فأعطاه مثلها، فقال: ابني معاوية؟ فأعطاه مثلها، و أعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل، ثم سأله مائة أخرى فأعطاه إياها. و أعطى صفوان بن أمية مائة من الإبل ثم مائة ثم مائة- كذا في الشفاء [1]، و أعطى الحارث بن الحارث بن كلدة مائة من الإبل، و كذلك أعطى من رؤساء قريش و غيرها مائة مائة من الإبل، و أعطى آخرين خمسين خمسين و أربعين أربعين حتى شاع في الناس أن محمدا يعطي عطاء ما يخاف الفقر، فازدحمت عليه الأعراب يطلبون المال حتى اضطروه إلى شجرة، فانتزعت رداءه فقال: «أيها الناس ردوا علي ردائي، فو الذي نفسي بيده لو كان عندي شجر تهامة نعما لقسمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلا و لا جبانا و لا كذابا».

ثم قام إلى جنب بعيره فأخذ من سنامه وبرة، فجعلها بين إصبعه، ثم رفعها، فقال:

«أيها الناس، و اللّه مالي من فيئكم، و لا هذه الوبرة إلى الخمس، و الخمس مردود عليكم».

و بعد إعطاء المؤلفة قلوبهم أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) زيد بن ثابت بإحضار الغنائم و الناس، ثم فرضها على الناس، فكانت سهامهم لكل رجل أربعا من الإبل و أربعين شاة، فإن كان فارسا أخذ اثني عشر بعيرا و مائة شاة.

كانت هذه القسمة مبنية على سياسة حكيمة، فإن في الدنيا أقواما كثيرين يقادون إلى الحق من بطونهم، لا من عقولهم، فكما تهدي الدواب إلى طريقها بحزمة برسيم تظل تمد إليها حتى تدخل حظيرتها آمنة، فكذلك هذه الأصناف من البشر تحتاج إلى فنون من الإغراء حتى تستأنس بالإيمان و تهش له‌ [2].


[1] الشفاء بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض 1/ 86.

[2] كلمة لمحمد الغزالي في فقه السيرة ص 298، 299.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 386
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست