responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 385

و وقعت في هذه المدة مراماة و مقاذفات فالمسلمون أول ما فرضوا الحصار رماهم أهل الحصن رميا شديدا كأنه رجل جراد، حتى أصيب ناس من المسلمين بجراحة، و قتل منهم اثنا عشر رجلا، و اضطروا إلى الارتفاع عن معسكرهم إلى مسجد الطائف اليوم، فعسكروا هناك.

و نصب النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) المنجنيق على أهل الطائف، و قذف به القذائف، حتى وقعت شدخة في جدار الحصن، فدخل نفر من المسلمين تحت دبابة [1]، و دخلوا بها إلى الجدار ليحرقوه، فأرسل عليهم العدو سكك الحديد محماة بالنار، فخرجوا من تحتها، فرموهم بالنبل و قتلوا منهم رجالا.

و أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)- كجزء من سياسة الحرب لإلجاء العدو إلى الاستسلام- أمر بقطع الأعناب و تحريقها. فقطعها المسلمون قطعا ذريعا، فسألته ثقيف أن يدعها للّه و الرحم، فتركها للّه و الرحم.

و نادى مناديه (صلّى اللّه عليه و سلم): أيما عبد نزل من الحصن و خرج إلينا فهو حر، فخرج إليهم ثلاثة و عشرون‌ [2] رجلا فيهم أبو بكرة- تسور حصن الطائف و تدلى منه ببكرة مستديرة يستقي عليها، فكناه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) «أبا بكرة»- فأعتقهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، و دفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه، فشق ذلك على أهل الحصن مشقة شديدة.

و لما طال الحصار، و استعصى الحصن، و أصيب المسلمون بما أصيبوا من رشق النبال و بسكك الحديد المحماة- و كان أهل الحصن قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة- استشار رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) نوفل بن معاوية الديلي فقال: هم ثعلب في جحر، إن أقمت عليه أخذته و إن تركته لم يضرك، و حينئذ عزم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) على رفع الحصار و الرحيل، فأمر عمر بن الخطاب فأذن في الناس: إنا قافلون غدا إن شاء اللّه فثقل عليهم و قالوا: نذهب و لا نفتحه؟ فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): اغدوا على القتال، فغدوا فأصابهم جراح، فقال: إنا قافلون غدا إن شاء اللّه، فسروا بذلك و أذعنوا، و جعلوا يرحلون، و رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) يضحك.

و لما ارتحلوا و استقلوا قال: قولوا: «آئبون تائبون عابدون، لربنا حامدون».


[1] لم تكن الدبابة كدبابتنا اليوم، و إنما كانت تصنع من الخشب، كان الناس يدخلون في جوفها ثم يدفعونها في أصل الحصن لينقبوه و هم في جوفها، أو ليدخلوا من النقبات.

[2] صحيح البخاري 2/ 620.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 385
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست