ليهدمه، و هو صنم لهذيل برهاط، و على ثلاثة أميال من مكة، فلما انتهى إليه عمرو قال له السادن: ما تريد؟ قال:
أمرني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) أن أهدمه، قال: لا تقدر على ذلك، قال: لم؟ قال: تمنع. قال:
حتى الآن أنت على الباطل؟ ويحك، فهل يسمع أو يبصر؟ ثم دنا فكسره، و أمر أصحابه فهدموا بيت خزانته، فلم يجدوا فيه شيئا، ثم قال للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمت للّه.
3- و في نفس الشهر بعث سعد بن زيد الأشهلي في عشرين فارسا إلى مناة
، و كانت بالمشلل عند قديد للأوس و الخزرج و غسان و غيرهم، فلما انتهى سعد إليها قال له سادتها:
ما تريد؟ قال: هدم مناة، قال: أنت و ذاك، فأقبل إليها سعد، و خرجت امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل، و تضرب صدرها، فقال لها السادن: مناة دونك بعض عصاتك، فضربها سعد فقتلها، و أقبل إلى الصنم فهدمه و كسره، و لم يجدوا في خزانته شيئا.
4- و لما رجع خالد بن الوليد من هدم العزى بعثه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في شعبان من نفس السنة (8 ه) إلى بني جذيمة
، داعيا إلى الإسلام، لا مقاتلا. فخرج في ثلاثمائة و خمسين رجلا من المهاجرين و الأنصار و بني سليم، فانتهى إليهم، فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: «صبأنا صبأنا» فجعل خالد يقتلهم و يأسرهم، و دفع إلى كل رجل ممن كان معه أسيرا، فأمر يوما أن يقتل كل رجل أسيره، فأبى ابن عمر و أصحابه حتى قدموا على النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم)، فذكروا له، فرفع (صلّى اللّه عليه و سلم) يديه و قال: «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد»- مرتين- [1].
و كانت بنو سليم هم الذين قتلوا أسراهم دون المهاجرين و الأنصار، و بعث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) عليا فودى لهم قتلاهم و ما ذهب منهم، و كان بين خالد و عبد الرحمن بن عوف كلام و شر في ذلك، فبلغ (صلّى اللّه عليه و سلم) فقال: «مهلا يا خالد، دع عنك أصحابي، فو اللّه لو كان أحد ذهبا، ثم أنفقته في سبيل اللّه ما أدركت غدوة رجل من أصحابي و لا روحته [2]».
[2] أخذنا تفاصيل هذه الغزوة من ابن هشام 2/ 389 إلى 437، و صحيح البخاري 1/ كتاب الجهاد و كتاب المناسك و 2/ 612، إلى 615، 622، فتح الباري 8/ 3 إلى 27، و صحيح مسلم 1/ 437، 438، 439، 2/ 102، 103، 130، و زاد المعاد 2/ 160 إلى 168، و مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد اللّه النجدي ص 322 إلى 351.