عبد المطلب، وضعه في القبلة، ثم وقف على جنازته، و انتحب حتى نشع من البكاء [1] و النشع: الشهيق.
و كان منظر الشهداء مريعا جدا يفتت الأكباد. قال خباب: (إن) حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء، إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه، و إذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه حتى مدت على رأسه، و جعل على قدميه الإذخر [2].
و قال عبد الرحمن بن عوف: قتل مصعب بن عمير و هو خير مني، و كفن في بردة إن غطي رأسه بدت رجلاه، و إن غطي رجلاه بدا رأسه، و روي مثل ذلك عن خباب، و فيه:
فقال لنا النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم): «غطوا بها رأسه و اجعلوا على رجله الإذخر» [3].
الرسول (صلّى اللّه عليه و سلم) يثني على ربه عز و جل و يدعوه
روى الإمام أحمد، لما كان يوم أحد و انكفأ المشركون، قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): استووا حتى أثني على ربي عز و جل، فصاروا خلفه صفوفا، فقال:
«اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، و لا باسط لما قبضت، و لا هادي لمن أضللت، و لا مضل لمن هديت، و لا معطي لما منعت، و لا مانع لما أعطيت و لا مقرب لما باعدت، و لا مبعد لما قربت. اللهم: ابسط علينا من بركاتك و رحمتك و فضلك و رزقك».
«اللهم إني أسألك النعيم المقيم، الذي لا يحول و لا يزول. اللهم: إني أسألك العون يوم العلة، و الأمن يوم الخوف. اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا و شر ما منعتنا.
اللهم حبب إلينا الإيمان و زينه في قلوبنا، و كره إلينا الكفر و الفسوق و العصيان، و اجعلنا من الراشدين. اللهم توفنا مسلمين و أحينا مسلمين، و ألحقنا بالصالحين غير خزايا و لا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك، و يصدون عن سبيلك، و اجعل عليهم رجزك و عذابك. اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق [4]».
الرجوع إلى المدينة، و نوادر الحب و التفاني
و لما فرغ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) من دفن الشهداء و الثناء على اللّه و التضرع إليه انصرف راجعا
[1] رواه ابن شاذان، انظر مختصر سيرة الرسول (صلّى اللّه عليه و سلم) للشيخ عبد اللّه النجدي ص 255.