responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 221

المفرزة إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، فشيعهم إلى بقيع الغرقد، ثم وجههم قائلا: «انطلقوا على اسم اللّه، اللهم أعنهم»، ثم رجع إلى بيته، و طفق يصلي و يناجي ربه.

و انتهت المفرزة إلى حصن كعب بن الأشرف، فهتف به أبو نائلة، فقام لينزل إليهم، فقالت له امرأته- و كان حديث العهد بها: أين تخرج هذه الساعة؟ أسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم.

قال كعب: إنما هو أخي محمد بن مسلمة، و رضيعي أبو نائلة، إن الكريم لو دعي إلى طعنة أجاب، ثم خرج إليهم و هو متطيب ينفخ رأسه.

و قد كان أبو نائلة قال لأصحابه، إذا ما جاء فإني آخذ بشعره فأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت منه من رأسه فدونكم فاضربوه، فلما نزل كعب إليهم تحدث معهم ساعة، ثم قال أبو نائلة: هل لك يا ابن الأشرف أن نتماشى إلى شعب العجوز فنتحدث بقية ليلتنا؟

قال: إن شئتم، فخرجوا يتماشون، فقال أبو نائلة و هو في الطريق: ما رأيت كالليلة طيبا أعطر قط، و زهى كعب بما سمع، فقال: عندي أعطر نساء العرب، قال أبو نائلة: أ تأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم، فأدخل يده في رأسه فشمه و أشم أصحابه.

ثم مشى ساعة ثم قال: أعود؟ قال كعب: نعم، فعاد لمثلها، حتى اطمأن.

ثم مشى ساعة ثم قال: أعود؟ قال: نعم، فأدخل يده في رأسه، فلما استمكن منه قال: دونكم عدو اللّه، فاختلفت عليه أسيافهم، لكنها لم تغن شيئا، فأخذ محمد بن مسلمة معولا فوضعه في ثنته، ثم تحامل عليه حتى بلغ عانته، فوقع عدو اللّه قتيلا، و كان قد صاح صيحة شديدة أفزعت من حوله، فلم يبق حصن إلا أوقدت عليه النيران.

و رجعت المفرزة و قد أصيب الحارث بن أوس بذباب بعض سيوف أصحابه فجرح و نزف الدم، فلما بلغت المفرزة حرة العريض، رأت أن الحارث ليس معهم فوقفت ساعة حتى أتاهم يتبع آثارهم، فاحتملوه، حتى إذا بلغوا بقيع الغرقد كبروا، و سمع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) تكبيرهم، فعرف أنهم قد قتلوه، فكبر، فلما انتهوا إليه قال: أفلحت الوجوه، قالوا:

و وجهك يا رسول اللّه. و رموا برأس الطاغية بين أيديه، فحمد اللّه على قتله، و تفل على جرح الحارث فبرأ، و لم يؤذ بعده‌ [1].

و لما علمت اليهود بمصرع طاغيتها كعب بن الأشرف دب الرعب في قلوبهم‌


[1] أخذنا تفاصيل هذه الوقعة من ابن هشام 2/ 51، 52، 53، 54، 55، 56، 57، و صحيح البخاري 1/ 341، 425، 2/ 577، و سنن أبي داود مع عون المعبود 2/ 42، 43، و زاد المعاد 2/ 91.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 221
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست