responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 200

يا عم، أرني أبا جهل، فقلت: يا ابن أخي، فما تصنع به؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، قال: و الذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فتعجبت لذلك. قال: و غمزني الآخر، فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس، فقلت: أ لا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه، قال: فابتدراه بسيفيهما فضرباه حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)، فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، قال: هل مسحتما سيفيكما؟ فقالا: لا، فنظر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إلى السيفين، فقال: كلاكما قتله، و قضى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، و الرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح و معوذ بن عفراء [1].

و قال ابن إسحاق: قال معاذ بن عمرو بن الجموح: سمعت القوم، و أبو جهل في مثل الحرجة- و الحرجة: الشجر الملتف، أو شجرة من الأشجار لا يوصل إليها، شبه رماح المشركين و سيوفهم التي كانت حول أبي جهل لحفظه بهذه الشجرة- و هم يقولون: أبو الحكم لا يخلص إليه، قال: فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه، فلما أمكنني حملت عليه، فضربته ضربة أطنت قدمه- أطارتها- بنصف ساقه، فو اللّه ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها. قال: و ضربني ابنه عكرمة على عاتقي، فطرح يدي، فتعلقت بجلدة من جنبي، و أجهضني القتال عنه، فلقد قاتلت عامة يومي و إني لأسحبها خلفي، فلما آذتني وضعت عليها قدمي، ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها [2] ثم مر بأبي جهل- و هو عقير- معوذ بن عفراء، فضربه حتى أثبته، فتركه و به رمق، و قاتل معوذ حتى قتل.

و لما انتهت المعركة قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم): من ينظر ما صنع أبو جهل؟ فتفرق الناس في طلبه، فوجده عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه و به آخر رمق، فوضع رجله على عنقه، و أخذ لحيته ليحتز رأسه، و قال: هل أخزاك اللّه يا عدو اللّه؟ قال: و بما ذا أخزاني؟ أعمد من رجل قتلتموه‌ [3]؟ أو هل فوق رجل قتلتموه؟ و قال: فلو غير أكار قتلني، ثم قال: أخبرني لمن الدائرة اليوم؟ قال: للّه و رسوله، ثم قال لابن مسعود- و كان قد وضع رجله على عنقه- لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم، و كان ابن مسعود من رعاة الغنم في مكة.


[1] صحيح البخاري 1/ 444، 2/ 568، مشكاة المصابيح 2/ 352، و إنما خص بالسلب واحدا منهما لأن الثاني قتل شهيدا في نفس المعركة.

[2] بقي معاذ هذا إلى زمن عثمان بن عفان رضي اللّه عنه.

[3] أي ليس علي عار فلن أبعد أن أكون رجلا قتله قومه.

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست