responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 143

في دار الندوة «برلمان قريش»

و لما رأى المشركون أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) قد تجهزوا و خرجوا، و حملوا و ساقوا الذراري و الأطفال و الأموال إلى الأوس و الخزرج، وقعت فيهم ضجة أثارت القلاقل و الأحزان، و أخذ القلق يساورهم بشكل لم يسبق له مثيل، فقد تجسد أمامهم الخطر الحقيقي العظيم، الذي يهدد كيانهم الوثني و الاقتصادي، فقد كانوا يعلمون ما في شخصية محمد (صلّى اللّه عليه و سلم) من غاية قوة التأثير مع كمال القيادة و الإرشاد، و ما في أصحابه من العزيمة و الاستقامة و الفداء في سبيله، ثم ما في قبائل الأوس و الخزرج من قوة و منعة، و ما في عقلاء هاتين القبيلتين من عواطف السلم و الصلاح، و التداعي إلى نبذ الأحقاد فيما بينهما، بعد أن ذاقوا مرارة الحروب الأهلية طيلة أعوام من الدهر.

كما كانوا يعرفون ما للمدينة من الموقع الإستراتيجي بالنسبة إلى المحجة التجارية التي تمر بساحل البحر الأحمر من اليمن إلى الشام. و قد كان أهل مكة يتاجرون إلى الشام بقدر ربع مليون دينار ذهب سنويا، سوى ما كان لأهل الطائف و غيرها. و معلوم أن مدار هذه التجارة كان على استقرار الأمن في تلك الطريق.

فلا يخفي ما كان لقريش من الخطر البالغ في تمركز الدعوة الإسلامية في يثرب، و مجابهة أهلها ضدهم.

شعر المشركون بتفاقم الخطر الذي كان يهدد كيانهم، فصاروا يبحثون عن أنجع الوسائل لدفع هذا الخطر، الذي مبعثه الوحيد هو حامل لواء دعوة الإسلام محمد (صلّى اللّه عليه و سلم).

و في يوم الخميس 26 من شهر صفر سنة 14 من النبوة، الموافق 12 من شهر سبتمبر سنة 622 م‌ [1]- أي بعد شهرين و نصف تقريبا من بيعة العقبة الكبرى- عقد برلمان مكة (دار الندوة) في أوائل النهار [2] أخطر اجتماع له في تاريخه، و توافد إلى هذا الاجتماع جميع‌


[1] أخذنا هذا التاريخ بعد مراجعة التحقيقات التي سجلها العلامة محمد سليمان المنصور فوري في رحمة للعالمين 1/ 95، 97، 102، 2/ 471.

[2] يدل على انعقاد الاجتماع في أوائل النهار ما رواه ابن إسحاق أن جبريل أخبر النبيّ (صلّى اللّه عليه و سلم) بمؤامرة هذا-

اسم الکتاب : الرحيق المختوم المؤلف : صفي الرحمن المباركفوري    الجزء : 1  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست