اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 625
و يروى أنه لما قتل سقطت من دمه قطرات على المصحف فصادفت قول الله تعالى:
فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ [البقرة: 137]، و يقال: إن الذي تولى قتله من الذين دخلوا عليه رجل من أهل مصر يقال له جبلة بن الأيهم، و كذلك كان جمهور الداخلين عليه من أهل مصر. فيروى عن يزيد بن أبى حبيب، و هو من جملة المصريين أنه قال: بلغنى أن عامة النفر الذين ساروا إلى عثمان بن عفان جنوا.
و عن أبى قلابة قال: كنت فى فندق بالشام، فسمعت مناديا ينادى: يا ويلة، النار النار، فقمت فإذا أنا برجل مقطوع اليدين من المنكبين، مقطوع الرجلين من الحقوين، أعمى، منكب لوجهه ينادى: يا ويلة، النار النار، فقلت: ما لك؟ قال: كنت فيمن دخل على عثمان يوم الدار، و كنت فى سرعان الناس، أو من أول الناس وصل إليه، فلما دنوت منه صاحت امرأته فلطمتها، فنظر إلى عثمان فتغرغرت عيناه بالدموع، و قال: ما لك سلب الله يدك و رجليك و أعمى بصرك و أدخلك جهنم، قال: فأخذتنى رعدة شديدة، و لا و الله ما أحدثت شيئا غير هذا.
فخرجت و ركبت راحلتى، حتى إذا صرت بموضعى هذا ليلا أتانى آت، و إله ما أدرى إنسى هو أم جنى، ففعل بى الذي ترى، و قد استجاب الله دعوته فى يدى و رجلى و بصرى، فو الله إن بقى إلا النار. قال أبو قلابة: فهممت أن أطأ برجلى، ثم قلت: بعدا و سحقا.
و كان مع عثمان (رحمه الله) و رضى عنه فى الدار جماعة من الصحابة و أناء الصحابة، يدرءون عنه، و قاتلوا عنه يوم الدار حتى أخرج منهم يومئذ أربعة من شباب قريش محمولين مضرجين بالدم، و هم الحسن بن على، و عبد الله بن الزبير، و محمد بن حاطب، و مروان بن الحكم، و لما أخبر على بقتله قال للذين أخبروه: تبا لكم آخر الدهر، و سمع يومئذ ضجة، فسأل عنها، فقيل: عائشة تلعن قتلة عثمان، و الناس يؤمنون، فقال على:
اللهم العن قتلة عثمان، اللهم العن قتلة عثمان.
و قال سعيد بن زيد: لو أن أحدا انقض لما فعل بعثمان لكان حقيقا أن ينقض.
و قال ابن العباس: لو اجتمع الناس على قتل عثمان لرموا بالحجارة كما رمى قوم لوط.
و قال عبد الله بن سلام: لقد فتح الناس على أنفسهم بقتل عثمان باب فتنة لا ينغلق عنهم إلى يوم القيامة.
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 625