responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي    الجزء : 2  صفحة : 566

تلك الساعة تحشحش النعمان و سار فى الناس على برذون أحوى قريب من الأرض، فجعل يقف على كل راية فيحمد الله عز و جل و يثنى عليه و يقول: قد علمتم ما أعزكم الله به من هذا الدين و ما وعدكم من الظهور، و قد أنجز لكم هوادى ما وعدكم و صدوره، و إنما بقيت أعجازه و أكارعه، و الله منجز وعده، و متبع آخر ذلك أوله، و اذكروا ما مضى إذ أنتم أذلة، و ما استقبلتم من هذا الأمر و أنتم اليوم عباد الله حقا و أولياؤه، و قد علمتم انقطاعكم من إخوانكم من أهل الكوفة، و الذي لهم فى ظفركم و عزكم، و الذي عليهم فى هزيمتكم و ذلكم، و قد ترون ما أنتم بإزائه من عدوكم، و ما أخطرتم و ما أخطروا لكم، فأما ما أخطروا لكم فهذه الزينة و ما ترون من هذا السواد، و أما ما أخطرتم لهم فدينكم و بيضتكم، و لا سواء ما أخطرتم و أخطروا، فلا يكونن على دنياهم أحمى منكم على دينكم، و أتقى الله عبد صدق الله و أبلى نفسه فأحسن البلاء، فإنكم بين خيرين تنتظرون إحدى الحسنيين، من بين شهيد حى مرزوق، أو فتح قريب و ظفر يسير، فكفى كل رجل ما يليه و لم يكل قرنه إلى أخيه، فإذا قضيت أمرى فاستعدوا، فإنى مكبر ثلاثا، فإذا كبرت الأولى فليتهيأ من لم يكن تهيأ، فإذا كبرت الثانية فليجمع عليه رداءه، و ليشد عليه سلاحه و ليتأهب للنهوض، فإذا كبرت الثالثة فإنى حامل إن شاء الله، فاحملوا معا، اللهم أعز دينك، و انصر عبادك، و اجعل النعمان أول شهيد اليوم على إعزاز دينك و نصر عبادك.

و فى رواية [1] إنه قال: اللهم إنى أسألك أن تقر عينى بفتح يكون فيه عز الإسلام و ذل يذل به الكفار، ثم اقبضنى بعد ذلك على الشهادة، أمنوا يرحمكم الله، فأمنا و بكينا.

فلما فرغ النعمان من التقدم إلى أهل المواقف رجع إلى موقفه، فكبر الأولى و الثانية و الثالثة، و الناس سامعون مطيعون مستعدون للمناهضة ينحى بعضهم بعضا عن سننه، و حمل النعمان و حمل الناس، و راية النعمان تنقض نحوهم انقضاض العقاب، فالتقوا بالسيوف فاقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع السامعون بوقعة يوم قط كانت أشد منها قتالا، فقتلوا فيها من أهل فارس فيما بين الزوال و الإعتام ما طبق أرض المعركة دما، يزلق الناس و الدواب، و أصيب فرسان من فرسان المسلمين فى الزلق فى الدماء، منهم النعمان أميرهم، زلق فرسه فى الدماء فصرعه، فأصيب عند ذلك، (رحمه الله)، و تناول الراية منه قبل أن تقع أخوه نعيم بن مقرن، و سجى النعمان بثوب، و أتى حذيفة بالراية فدفعها إليه، و كان اللواء مع حذيفة.


[1] انظر: الطبرى (4/ 132).

اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي    الجزء : 2  صفحة : 566
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست