و كان سعد، (رحمه الله)، لما كتب إلى عمر، رضى الله عنه، بأمر جلولاء، و أجابه بما ذكر قبل، كتب إليه أيضا باجتماع أهل الموصل إلى الأنطاق و إقباله بهم إلى تكريت حتى نزل بها، و خندق عليه ليحمى أرضه، فأمر عمر سعدا أن يسرح عبد الله بن المعتم إلى الأنطاق، و عين لمقدمته و ميمنته و ميسرته و ساقته رجالا سماهم له، ففصل على ذلك عبد الله من المدائن فى خمسة آلاف، فسار إلى تكريت حتى ينزل على الأنطاق، و معه الروم و إياد و تغلب و النمر، و قد خندقوا، فحصرهم أربعين يوما و تزاحفوا أربعة و عشرين زحفا، فى كلها هزم المشركون و لا يخرجون خرجة إلا كانت عليهم.
فلما رأت الروم ذلك تركوا أمراءهم، و نقلوا متاعهم إلى السفن، و قد كان عبد الله ابن المعتم و كل بالعرب ليدعوهم إليه و إلى نصرته على الروم رجالا من تغلب و إياد و النمر، فكانوا لا يخفون عليه شيئا، فأقبلت إليه العيون منهم بما فعلت الروم و سألوه للعرب السلم و أخبروه أنهم قد استجابوا، فأرسل إليهم: إن كنتم صادقين فاشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله، و أقروا بما جاء به من عند الله، ثم اعملوا بما نأمركم، فردوا إليه رسلهم بالإسلام، فأرسل إليهم: إذا سمعتم تكبيرنا فاعلموا أنا قد نهدنا إلى الأبواب التي تلينا لندخل عليهم منها، فخذوا بالأبواب التي تلى دجلة، و كبروا و قاتلوا و اقتلوا من قدرتم عليه.
[1] انظر الأبيات فى: الطبرى (4/ 34)، البداية و النهاية لابن كثير (7/ 71).
[2] انظر الخبر فى: الطبرى (4/ 35- 37)، الكامل لابن الأثير (2/ 364- 366)، البداية و النهاية لابن كثير (7/ 71، 72).
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 531