اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 49
فلما كشفنا البرد عن حر وجهه* * * إذا الأمر بالجدع الموعب قد وقع
فلم تك لى عند المصيبة حلية* * * أرد بها أهل الشماتة و القذع
سوى إذن الله الذي فى كتابه* * * و ما أذن الله العباد به يقع
و قد قلت من بعد المقالة قولة* * * لها فى حلوق الشامتين به بشع
ألا إنما كان النبيّ محمد* * * إلى أجل وافى به الموت فانقطع
ندين على العلات منا بدينه* * * و نعطى الذي أعطى و نمنع ما منع
و وليت محزونا بعين سخينة* * * أكفكف دمعى و الفؤاد قد انصدع
و قلت لعينى كل دمع ذخرته* * * فجودى به إن الشجى له دفع
و ذكر ابن إسحاق [1] بإسناد يرفعه إلى عبد الله بن عباس قال: إنى لأمشى مع عمر فى خلافته و هو عامد إلى حاجة له، و فى يده الدرة ما معه غيرى، و هو يحدث نفسه و يضرب و خشى قدمه بدرته، إذ التفت إلى فقال: يا ابن عباس، هل تدرى ما حملنى على مقالتى التي قلت حين توفى الله و رسوله (صلى اللّه عليه و سلم)؟ قال: قلت: لا أدرى يا أمير المؤمنين؛ أنت أعلم. قال: فإنه و الله، إن حملنى على ذلك إلا أنى كنت أقرأ هذه الآية: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [143: البقرة]، فو الله إن كنت لأظن أن رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) سيبقى فى أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها، فإنه للذى حملنى على أن قلت ما قلت [2].
و ذكر موسى بن عقبة أن المقام الذي قام به أبو بكر رضى الله عنه بعد وفاة رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) و بعد الذي كان من عمر من القول هو أنه خرج سريعا إلى المسجد من بيت رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) يتوطأ رقاب الناس حتى جاء المنبر و عمر يكلم الناس و يوعد من زعم أن رسول الله (صلى اللّه عليه و سلم) مات، فجلس عمر حين رأى أبا بكر مقبلا، فقام أبو بكر على المنبر فنادى الناس أن اجلسوا و أنصتوا، فتشهد بشهادة الحق، ثم قال: إن الله قد نعى نبيكم لنفسه و هو حى بين أظهركم، و نعى لكم أنفسكم، فهو الموت حتى لا يبقى أحد إلا الله، يقول الله عز و جل: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [144: آل عمران].
و قال: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [30: الزمر]