responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي    الجزء : 2  صفحة : 438

و لما بلغ أهل فارس اجتماع العرب لهم، و كثرة من انثال على سعد من رؤسائهم و وجوههم، عظم ذلك عليهم، و رعبهم و زادهم نزولهم القادسية رعبا و ضيقا، فعج أهل السواد إلى يزدجرد بن شهريار، و أرسلوا إليه: إن العرب قد نزلوا القادسية بأمر ليس يشبه إلا الحرب، و أن فعلهم منذ نزلوها لا يبقى عليه شي‌ء، و قد أخربوا ما بينهم و بين الفرات، فليس هنالك أنيس إلا فى الحصون، و قد ذهبت الدواب و كل شي‌ء لم تحمله الحصون من الأطعمة، و لم يبق إلا أن يستنزلونا، فإن أبطأ عنا الغياث أعطيناهم بأيدينا.

و كتب إليه بذلك الملوك الذين لهم الضياع بالطّفّ، و أعانوهم عليه.

و لما كثرت الاستغاثة من أهل السواد على يزدجرد، خشعت نفسه و اتقى الحرب برستم فأرسل إليه، فدخل عليه، فقال: إنى أريد أن أوجهك فى هذا الوجه، و إنما يعد للأمور على قدرها، و أنت رجل أهل فارس اليوم، و أنت لها، و قد ترى ما جاء أهل فارس من أمر لم يأتهم منذ ولى آل أردشير.

فأراه رستم أن قد قبل منه و أثنى عليه، فقال له الملك: قد أحببت أن أنظر فيما لديك لأعلم ما عندك، فصف لى العرب و فعلهم، و صف لى العجم و ما يلقون منهم، فقال رستم: صفة ذئاب صادفت غرة من رعاء فأفسدت، فقال: ليس كذلك، إنما سألتك رجاء أن تعرف صفتهم فأقويك لتعمل على قدر ذلك فلم تصب، فافهم عنى، إنما مثلهم و مثل أهل فارس كمثل عقاب أوفت على مرقب عند جبل تأوى فى ذراة الطير تبيت فى أوكارها، فإذا أصبحت الطير تجلت، فأبصرت العقاب ترقبها، فخافتها فلم تنهض، و طمعت العقاب، فلم ترم، و جعلت كلما شذ منها طائر انقضت عليه فاختطفتها حتى أفنتها، فلو نهضت بأجمعها نهضة واحدة لنجت، و أشد شي‌ء يكون فى ذلك أن تنجو كلها إلا واحدا، فهذا مثلهم و مثل الأعاجم، فاعمل على قدر ذلك، فإنى أريد أن أوجه إلى هؤلاء القوم جمعا أستأصلهم به.

فسجد له رستم، و قال: الملك أفضل رأيا، و أيمن أمرا، و أسعد جدا، و إن أذن لى تكلمت.

قال: قل، قال: هزيمة جيش بعد جيش أمثل و أبقى من هزيمة الجماعة التي ليس بعدها مثلها، فأبى عليه يزدجرد إلا أن يجمع له الناس و يوجهه بهم إلى العرب، فقال له رستم:

أيها الملك، دعنى فإن العرب لا تزال تهاب العجم ما لم تضربهم بى، و لعل دولة تكون فيكون الله قد كفى، و نكون قد أصبنا المكيدة و رأى الحرب، فإن الرأى فيها و المكيدة

اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي    الجزء : 2  صفحة : 438
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست