قالوا: لما وقع الخبر إلى أردشير بمصاب قارن و أهل المذار، أرسل الأنذرزعر، و كان فارسيا من مولدى السواد و تنائهم؛ و لم يكن ممن ولد فى المدائن و لا نشأ بها، و أرسل بهمن جاذويه فى أثره، و كان رافد فارس فى يوم من أيام شهرهم، و ذلك أنهم بنوا شهورهم كل شهر على ثلاثين يوما؛ فكان لأهل فارس فى كل يوم رافد نصب لذلك يرفدهم عند الملك؛ فكان بهمن أحدهم، فخرج الأنذرزعر سائرا من المدائن حتى أتى كسكر [2]، ثم جازها إلى الوالجة [3]، و خرج بهمن جاذويه فى أثره، فأخذ غير طريقه فسلك أوسط السواد، و قد حشد الأنذرزعر من بين الحيرة و كسكر من عرب الضاحية و الدهاقين فعسكروا إلى جنب عسكره بالولجة؛ فلما اجتمع له ما أراد و استتم له أعجبه ما هو فيه، و أجمع السير إلى خالد.
و لما بلغ خالدا خبره و نزوله الولجة، نادى بالرحيل، و خلف سويد بن مقرن، و أمره بلزوم الحفير، و تقدم إلى من خلف بأسفل دجلة، و أمرهم بالحذر و قلة الغفلة، و ترك
[1] انظر: الطبرى (3/ 353، 354)، الكامل لابن الأثير (263، 264)، البداية و النهاية لابن كثير (6/ 345)، نهاية الأرب للنويرى (19/ 109).
[2] كسكر: أى عامل الزرع، و هو بلد بالعراق بين الكوفة و البصرة. انظر: معجم البلدان (4/ 461).
[3] الولجة و الوالج: موضع يلى كسكر من البر. انظر: تاريخ الرسل و الملوك للطبرى (3/ 353)، معجم البلدان (5/ 383).
اسم الکتاب : الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله(ص) و الثلاثة الخلفاء المؤلف : أبو الربيع الحميري الكلاعي الجزء : 2 صفحة : 378