responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التصور الفني في القران المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 8
فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ، وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} .
لم أكن أدرك من معاني هذه الآية شيئًا ولامن مراميها. ولكن صورة كانت تشخص في مخيلتي. صورة رجل، فاغر الفم، متدلي اللسان، يهلث ويلهث في غير انقطاع. وأنا بإزائه، لا أحول نظري عنه، ولا أفهم لم يلهث، ولا أجرؤ على الدنو منه!
وصور من هذه شتى، كانت ترتسم لخيالي الصغير؛ وكنت ألتذ التأمل فيها، وأشتاق قراءة القرآن من أجلها، وأبحث عنها -كلما قرأت - في ثناياه.
تلك أيام ... ولقد مضت بذكرياتها الحلوة، وبخيالاتها الساذجة. ثم تلتها أيام؛ ودخلت المعاهد العلمية؛ فقرأت تفسير القرآن في كتب التفسير، وسمعت تفسيره من الأساتذة. ولكنني لم أجد فيما أقرأ أو أسمع ذلك القرآن اللذيذ الجميل، الذي كنت أجده في الطفولة والصبا.
وا أسفاه! لقد طمست كل معالم الجمال فيه؛ وخلا من اللذة والتشويق.
ترى هما قرآنان؟ قرآن الطفولة العذب الميسر المشوق؛ وقرآن للشباب العسر المعقد الممزق؟ أم إنها جناية الطريقة المتبعة في التفسير؟
وعدت إلى القرآن أقرؤه في المصحف لا في كتب التفسير. وعدت أجد قرآني الجميل الحبيب؛ وأجد صوري المشوقة اللذيذة. إنها ليست في سذاجتها التي كانت هناك. لقد تغير فهمي لها، فعدت الآن أجد مراميها وأغراضها، وأعرف أنها مثل يضرب، لا حادث يقع.
ولكن سحرها ما يزال. وجاذبيتها ما تزال.
الحمد لله. لقد وجدت القرآن!
وخطر لي أن أعرض للناس بعض النماذج مما أجده في القرآن من صور؛ ففعلت، ونشرت بحثًا في مجلة المقتطف عام 1939 نحت عنوان:

اسم الکتاب : التصور الفني في القران المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست