responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : في ظلال القران المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 589
الجاهلية. هزتها هزة عنيفة ألقت عنها هذه الرواسب. وأشاعت فيها الخوف والتحرج والتقوى والحذر من المساس- أي مساس- بأموال اليتامى.. كانوا يرون فيها النار التي حدثهم الله عنها في هذه النصوص القوية العميقة الإيحاء. فعادوا يجفلون أن يمسوها ويبالغون في هذا الإجفال! من طريق عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: لما نزلت:
«إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً» .. الآية.. انطلق من كان عنده يتيم، فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضل الشيء، فيحبس له، حتى يأكله أو يفسد. فاشتد ذلك عليهم. فذكروا ذلك لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله: «وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى. قُلْ: إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ، وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ. وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ، وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ.. «الآية» فخلطوا طعامهم بطعامهم، وشرابهم بشرابهم..
وكذلك رفع المنهج القرآني هذه الضمائر، إلى ذلك الأفق الوضيء وطهرها من غبش الجاهلية ذلك التطهير العجيب..
11- والآن نجيء إلى نظام التوارث. حيث يبدأ بوصية الله للوالدين في أولادهم فتدل هذه الوصية على أنه- سبحانه- أرحم وأبر وأعدل من الوالدين مع أولادهم كما تدل على أن هذا النظام كله مرده إلى الله سبحانه فهو الذي يحكم بين الوالدين وأولادهم، وبين الأقرباء وأقاربهم. وليس لهم إلا أن يتلقوا منه سبحانه، وأن ينفذوا وصيته وحكمه.. وأن هذا هو معنى «الدين» الذي تعنى السورة كلها ببيانه وتحديده كما أسلفنا.. كذلك يبدأ بتقرير المبدأ العام للتوارث: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» ..
ثم يأخذ في التفريع، وتوزيع الأنصبة، في ظل تلك الحقيقة الكلية، وفي ظل هذا المبدأ العام.. ويستغرق هذا التفصيل آيتين: أولاهما خاصة بالورثة من الأصول والفروع، والثانية خاصة بحالات الزوجية والكلالة.
ثم تجيء بقية أحكام الوراثة في آخر آية في السورة استكمالاً لبعض حالات الكلالة (وسنعرضها في موضعها) :
«يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ. وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ. وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ- إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، وَوَرِثَهُ أَبَواهُ، فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ. فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ- مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ- آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً. فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً.. وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ- إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ- فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ- مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ- وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ- إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ- فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ- مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ- وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً، أَوِ امْرَأَةٌ، وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ، فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ. فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ- مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ- غَيْرَ مُضَارٍّ، وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ» ..
هاتان الآيتان، مضافا إليهما الآية الثالثة التي في نهاية السورة، ونصها: «يَسْتَفْتُونَكَ. قُلِ: اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ، وَلَهُ أُخْتٌ، فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ. وَهُوَ يَرِثُها- إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ- فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ. وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً، فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا، وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» ..
اسم الکتاب : في ظلال القران المؤلف : سيد قطب    الجزء : 1  صفحة : 589
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست