responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 473

المعهود حينئذ ، ويحتمل أن يكون كتابا مختصا به وإن كنا لا نعرفه الآن كقول عيسى (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ) [مريم : ٣٠] والمراد بالأخذ إما الأخذ من حيث الحس ، وإما الأخذ من حيث المعنى وهو القيام بمواجبه كما ينبغي وذلك بتحصيل ملكة تقتضي سهولة الإقدام على المأمور به والإحجام عن المنهي عنه. ثم أكده بقوله : (بِقُوَّةٍ) أي بجد وعزيمة. (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ) أي الحكمة. عن ابن عباس : هو فهم التوراة والفقه في الدين ولذلك لما دعاه الصبيان إلى اللعب وهو صبي قال : ما للعب خلقت. وعن معمر : العقل. وقيل : النبوة. وكل هذه الأوصاف على الأقوال من الخوارق كما في حق عيسى فلا استبعاد إلا من حيث العادة. والحنان أصله توقان النفس ، ثم استعمل في الرحمة وهو المراد هاهنا. وما قيل إنه يحتمل أن يراد حنانا منا على زكريا أو على أمة يحيى لا يساعده وجود الواو. وقيل : أراد آتيناه الحكم والحنان على عبادنا كقوله في نبينا (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) [آل عمران : ١٥٩] وأراد بقوله : (وَزَكاةً) أنه مع الإشفاق عليهم كان لا يخل بإقامة ما يجب عليهم لأن الرأفة واللين ربما تورث ترك الواجب ولهذا قال : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) [النور : ٢] ولا يخفى أنه يساعد هذا القول وجود لفظة (مِنْ لَدُنَّا) وعن عطاء : أن معنى حنانا تعظيما من لدنا. وعن ابن عباس وقتادة والضحاك وابن جريج : أن معنى زكاة عملا صالحا زكيا. وقيل : زكيناه بحسن الثناء عليه كما يزكى الشهود. وقيل : بركة كقول عيسى (جَعَلَنِي مُبارَكاً) وقيل : صدقة أي ينعطف على الناس ويتصدق عليهم.

ثم أخبر محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن جملة أحواله بقوله : (وَكانَ تَقِيًّا) بحيث لم يعص الله ولا هم بمعصية قط (وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ) لأن تعظيم الوالدين تلو تعظيم الله (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا) وذلك أن الزاهد في الدنيا قلما يخلو عن طلب ترفع والرغبة في احترام ، فذكر أنه مع غاية زهده كان موصوفا بالتواضع للخلق وتحقيق العبودية للحق. قال سفيان : الجبار الذي يقتل عند الغضب دليله قوله : (أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ) [القصص : ١٩] ثم إنه سبحانه سلم عليه في ثلاثة مواطن هي أوحش المواطن وأحوجها إلى طلب السلامة فيها ، ويحتمل أن يكون هذا السلام من الملائكة عليه إلا أنه لما كان بإذن الله كان كلام الله ، وقيل : إنما قال : (حَيًّا) مع أن المبعوث هو المعاد إلى حال الحياة تنبيها على كونه من الشهداء وهم أحياء إلا أنه يشكل بما يجيء في قصة عيسى (وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) [مريم : ٣٣] وذلك أنه ورد في الأخبار أن عيسى سيموت بعد النزول. والظاهر أنه أراد ويوم يجعل حيا فوضع الأخص

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 473
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست