responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 436

موضع لا يعلمه إلا الله (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) لأنه لا يبقى على وجهها شيء يسترها من العمارات ولا من الجبال والأشجار ، وإما لأنها أبرزت ما في بطنها من الأموات لقوله : (وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) [الانشقاق : ٤] فيكون الإسناد مجازيا أي بارزا ما في جوفها (وَحَشَرْناهُمْ) الضمير للخلائق المعلوم حكما (فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) من الأوّلين والآخرين. يقال : غادره وأغدره إذا تركه والترك غير لائق ومنه الغدر ترك الوفاء. والغدير ما غادره السيل لأن اللائق بحال السيل أن يذهب بالماء كله. ولا يخفى أن اللائق بحال رب العزة أن لا يترك أحدا من خلقه غير محشور وإلا كان قدحا في عمله وحكمته وقدرته. قالت المشبهة : في قوله : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ) دليل على أنه سبحانه في مكان يمكن أن يعرض عليه أهل القيامة وكذلك في قوله : (لَقَدْ جِئْتُمُونا) وأجيب بأنه تعالى شبه وقوفهم في الموضع الذي يسألهم فيه عن أعمالهم بالعرض عليه وبالمجيء إلى حكمه كما يعرض الجند على السلطان. وانتصب (صَفًّا) على الحال أي مصطفين ظاهرين ترى جماعاتهم كما يرى كل واحد لا يحجب أحد أحدا. والصف إما واحد وإما جمع كقوله (يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) [غافر : ٦٧] أي أطفالا. وقيل : صفا أي قياما وبه فسر قوله : (فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَ) [الحج : ٣٦]. وقال القفال : يشبه أن يكون الصف راجعا إلى الظهور والبروز ومنه الصفصف للصحراء وهذا قريب من الأول. وقد مر في «الأنعام» أن وجه التشبيه في قوله (خَلَقْناكُمْ) أنهم يبعثون عراة لا شيء معهم ، أو المراد بعثناكم كما أنشأناكم وزعمهم أن لن يجعل الله لهم موعدا. أي وقتا لإنجاز ما وعدوا على ألسنة الأنبياء إما أن يكون حقيقة وإما لأن أفعالهم تشبه فعل من يزعم ذلك. (وَوُضِعَ الْكِتابُ) أي جنسه وهو صحف الأعمال. والوضع إما حسي وهو أن يوضع كتاب كل إنسان في يده إما في اليمين أو في الشمال ، وإما عقلي ومعناه النشر والاعتبار. (فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ) خائفين مما في الكتاب لأن الخائن خائف خوف العقاب وخوف الافتضاح. ومعنى النداء في (يا وَيْلَتَنا) قد مر في «المائدة» في (يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ) [الآية : ٣١] وقوله : (صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً) صفتان للهيئة أو المعصية أو الفعلة وهي عبارة عن الإحاطة وضبط كل ما صدر عنهم ، لأن الأشياء إما صغار وإما كبار ، فإذا حصر الصنفين فقد حصر الكل. وعن الفضيل : ضجوا والله من الصغائر قبل الكبائر. قلت : وذلك أن تلك الصغائر هي التي جرأتهم على الكبائر. وعن ابن عباس : الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة. وعن سعيد بن جبير : الصغيرة المسيس والكبيرة الزنا. وجوّز في الكشاف أن يريد ما كان عندهم صغائر وكبائر. وتمام البحث في المسألة أسلفناه في أوائل سورة النساء في تفسير قوله : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ) [النساء : ٣١] فتذكر (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) في

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 436
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست