responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 143

سربه بالفتح والسكون وهو الطريق ويؤيده قول مجاهد : معناه سواء من يقدم على القبائح في ظلمات الليالي ومن يأتي بها في النهار الظاهر على سبيل التوالي. وثانيهما نقل الواحدي عن الأخفش وقطرب : المستخفي الظاهر من قولهم : «اختفيت الشيء» أي استخرجته ، والسارب المتواري الداخل سربا بفتحتين ومنه انسرب الوحش إذا دخل في كناسه. وهذا وإن صح من حيث اللغة لكن قرينتي الليل والنهار إنما تساعدان القول الأول ، ولهذا أطبق أكثر المفسرين عليه. ثم ذكر ما يجري في الظاهر مجرى السبب لاستواء علمه بحال المسر والمعلن فقال : (لَهُ) أي لمن أسر ومن جهر ومن استخفى ومن سرب (مُعَقِّباتٌ) جماعات من الملائكة تعقب في حفظه وكلاءته. والأصل معتقبات فأدغمت ، أو هو على أصله من عقبه بالتشديد إذا جاء على عقبه لأن بعضهم يعقب بعضا ، أو لأنهم يعقبون ما يتكلم به فيكتبونه. والتأنيث للمبالغة نحو «نسابة» و «علامة» ، أو لأنه جمع معقبة أي ملائكة معقبة أو جماعة معقبة. وقوله : (مِنْ أَمْرِ اللهِ) ليس من صلة الحفظ لأنه لا قدرة للملك ولا لأحد من الخلق على أن يحفظوا أحدا من قضاء الله وإنما هو صفة أخرى كأنه قيل : له معقبات من أمر الله يحفظونه ، أو له معقبات يحفظونه ، ثم بين سبب الحفظ فقال : (مِنْ أَمْرِ اللهِ) أي من أجل أن الله أمرهم بحفظه فمن بمعنى الباء وقرأ به عليّ وابن عباس وغيرهما ، ويجوز أن يكون صلة على معنى يحفظونه من بأس الله إذا أذنب بدعائهم له ومسألتهم ربهم أن يمهله رجاء أن يتوب. قال ابن جريج : هو مثل قوله تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) [ق : ١٧] صاحب اليمين يكتب الحسنات والذي عن يساره يكتب السيئات. وقال مجاهد : ما من عبد إلا وله ملك يحفظه من الجن والإنس والهوام في نومه ويقظته. وقيل : المراد يحفظونه من جميع المهالك من بين يديه ومن خلفه لأن كلا من المستخفي والسارب إذا سعى في مهماته فإنما يحذر من الجهتين.

وما الفائدة في تسليط هؤلاء على ابن آدم؟ قال علماء الشريعة : إن الشياطين يدعون إلى المعاصي والشرور وهؤلاء الملائكة يدعون إلى الخيرات والطاعات بالإلهامات الحسنة والإخطارات الشريفة ، وإذا علم ابن آدم أن معه ملائكة يحصون عليه أفعاله وأقواله استحيا منهم وكان ذلك له رادعا قويا ، وقد مر في هذا الباب كلام في «الأنعام» في قوله : (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) فليتذكر [الآية : ٦١]. وللآية تفسير آخر منقول عن ابن عباس واختاره أبو مسلم الأصفهاني قال : المعقبات الحرس وأعوان الملوك ، والجملة وهي قوله : (لَهُ مُعَقِّباتٌ) صفة للمستخفي والسارب أو حال منه لكونه نكرة موصوفة أي يستوي في علم الله السر والجهر ، والمستخفي بظلمة الليل والسارب بالنهار مستظهرا

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 4  صفحة : 143
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست