responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 1  صفحة : 482

النفس ويتعين السيف لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا قود إلا بالسيف» [١] واتفقوا على أن القاتل إذا لم يتب وأصر على ترك التوبة فإن القصاص مشروع في حقه عقوبة له من الله. أما إذا تاب فقد اتفقوا على أنه لا يجوز أن يكون عقوبة للدلائل الدالة على قبول التوبة (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) [الشورى : ٢٥] فما الحكمة في وجوب قتله؟ أجاب أصحابنا بأنه تعالى يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل. وقالت المعتزلة : إنما شرع ليكون لطفا. وكيف يتصور هذا اللطف ولا تكليف بعد القتل؟ قالوا : فيه منفعة للقاتل من حيث إنه إذا علم أنه لا بد وأن يقتل صار ذلك داعيا له إلى الخير وترك الإصرار والتمرد ، ومنفعة لولي المقتول من حيث التشفي ، ومنفعة لسائر المكلفين من حيث الانزجار عن القتل.

قوله عز من قائل (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) الباء للبدّل نحو «بعت هذا بذاك» أي الحر مقتول بدل الحر. ثم فيه قولان : الأول ويروى عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري وعطاء وعكرمة ، أن لا يكون القصاص مشروعا إلا بين الحرين وبين العبدين وبين الأنثيين ، لأن الألف واللام تفيد العموم أي كل حر يقتل بحر. فلو كان قتل حر بعبد مشروعا لكان ذلك الحر مقتولا بعير حر وهو يناقض الآية. ولأن هذا القول خرج مخرج البيان لقوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) وإيجاب القصاص على الحر بقتل العبد إهمال للتسوية فلا يكون مشروعا وهو يناقض الآية ، وإلى هذا ذهب الشافعي ومالك وقالا : لما قتل العبد بالعبد فلأن يقتل بالحر وهو فوقه أولى ، وكذا القول في قتل الأنثى بالذكر. وأما قتل الذكر بالأنثى فليس فيه إلا الإجماع ، وكأن سنده أن الذكورة والأنوثة فضيلتان كالعلم والجهل والشرف والخسة ، فكما أنه لم يفرق بين العالم والجاهل فكذلك بين الذكر والأنثى ، ويروى عن عمرو بن حزم أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كتب إلى أهل اليمن «أن الذكر يقتل الأنثى». القول الثاني ويروى عن سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي وقتادة والنوري وهذا مذهب أبي حنيفة ، أن الحر بالحر لا يفيد الحصر البتة بل يفيد شرع القصاص بين المذكورين من غير أن يكون فيه دلالة على حال سائر الأقسام. لأن قوله (وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) يقتضي قصاص الحرة بالمرأة الرقيقة ، فلو كان قوله (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) مانعا من ذلك تناقض. وأيضا قوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) جملة مستقلة وقوله (الْحُرُّ بِالْحُرِّ) تخصيص لبعض جزئيات تلك الجملة بالذكر ، فلا يمنع من ثبوت الحكم في سائر الجزئيات. ويؤيد ما ذكرنا قوله تعالى (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) وقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم «المسلمون


[١] رواه ابن ماجه في كتاب الديات باب ٢٥.

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 1  صفحة : 482
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست