responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 1  صفحة : 481

إبل» [١] أي بسببها. فظاهر الآية يدل على وجوب القصاص على جميع المؤمنين بسبب جميع القتلى إلا أنهم أجمعوا على أن غير القاتل خارج عن هذا العموم. وأما القاتل فقد دخله التخصيص أيضا في صور كما إذا قتل الوالد ولده ، والسيد عبده ، والمسلم حربيا أو معاهدا ، أو مسلم مسلما خطأ إلا أن العام الذي دخله التخصيص يبقى حجة فيما عداه. فإن قيل : لو وجب القصاص لوجب إما على القاتل وليس عليه أن يقتل نفسه بل يحرم عليه ذلك ، وإما على ولي الدم وهو مخير بين الفعل والترك ، بل هو مندوب إلى الترك. (وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ) [الأعراف : ١٣٤] وإما على أجنبي وليس ذلك بالاتفاق. وأيضا القصاص عبارة عن التسوية ، ووجوب رعاية المساواة على تقدير القتل لا يوجب نفس القتل. قلنا عن الأول إن المراد إيجاب إقامة القصاص على الإمام أو من يجري مجرى الإمام ، لأنه متى حصلت شرائط وجوب القود فإنه لا يحل للإمام أن يترك القود وهو من جملة المؤمنين فالتقدير : يا أيها الأئمة كتب عليكم استيفاء القصاص إن أرادوا لي الدم استيفاء. ويحتمل أن يكون خطابا مع القاتل لأنه كتب عليه تسليم النفس عند مطالبة الولي بالقصاص. وذلك أن القاتل ليس له أن يمتنع هاهنا وليس له أن ينكر ، بل للزاني والسارق الهرب من الحدود ، ولهما أيضا أن يستترا بستر الله فلا يعترفا ، فكان أمر القتل أشنع ، وفيه حق الآدمي أكثر. وعن الثاني أن ظاهر الآية يقتضي إيجاب التسوية في القتل ، والتسوية في القتل صفة للقتل ، وإيجاب الصفة يقتضي إيجاب الذات. فالآية تفيد إيجاب القتل. ثم اختلفوا في كيفية المماثلة التي تجب رعايتها فقال الشافعي : إن كان قتله بقطع اليد قطعت يد القاتل ، فإن مات عنه في تلك المرة وإلا حزت رقبته. وكذلك إن أحرق الأول بالنار أحرق الثاني ، فإن مات في تلك المرة وإلا حزت رقبته. روي أنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه» ورضخ يهودي رأس جارية بالحجارة فأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأن يفعل به مثله. ولأنه لا يجوز أن يقال : كتبت التسوية في القتلى إلا في كيفية القتل ، وحيث لم يستثن دخل. وأيضا الحكم بالعموم يوجب التخصيص في بعض الصور كما لو قتله بالسحر فلا يقتل السحر لأنه محرم بل بالسيف. وكما لو قتل صغيرا باللواط فإنه يقتل بالسيف على الأصح. ولو لم يحكم بالعموم لزم الإجمال ، والتخصيص أهون منه. وأيضا لو لم تفد الآية إلا إيجاب التسوية في أمر من الأمور فلا شيئين إلا وهما متساويان في بعض الأمور ، فلا يستفاد من الآية شيء البتة. وقال أبو حنيفة : المراد بالمماثلة تماثل


[١] رواه النسائي في كتاب القسامة باب ٢٣. أبو داود في كتاب الديات باب ١٦ أحمد في مسنده (٢ / ١٧٨ ، ١٨٣) بلفظ «من قتل خطأ فديته مائة من الإبل».

اسم الکتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    الجزء : 1  صفحة : 481
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست