responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 349
بِمَثَابَةِ الْعَمَلِ نَفْسِهِ، وَوَصَلَ الْوَعْدُ بِالْجَزَاءِ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا يَبْعَثُ الْمُؤْمِنَ عَلَى الْإِحْسَانِ فِيهِ، وَيَدُلُّ عَلَى تَحَقُّقِهِ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ فَتَخَافُوا أَنْ يُنْقِصَكُمْ مِنْ أُجُورِكُمْ شَيْئًا.
(الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ) : هَذِهِ الْآيَاتُ هِيَ آخِرُ مَا أَدَّبَ اللهُ - تَعَالَى - بِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذَا الْمَقَامِ عَلَى مَا يُخَامِرُ الْبَعْضَ مِنْهُمْ وَمَا يَعِنُّ لَهُ مِنَ الشُّبَهِ فِي مُسْتَقْبَلِ الْإِسْلَامِ وَتَأْيِيدِهِ - تَعَالَى - لِنَبِيِّهِ وَإِعْزَازِهِ لِحِزْبِهِ، وَكَانَ أَوَّلُهَا قَوْلَهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا) (2: 104) وَكَأَنَّ مَنْشَأَ تِلْكَ الْخَوَاطِرِ هُوَ مَا يَرَوْنَهُ فِي التَّنْزِيلِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ، وَمَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ عَمَلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْجَزْمِ بِأَنَّ الْأَسْبَابَ مَقْرُونَةٌ بِمُسَبِّبَاتِهَا، وَأَنَّ حَوَادِثَ الْكَوْنِ جَارِيَةٌ عَلَى سُنَنٍ مُطَّرِدَةٍ، وَمَا كَانَ هَذَا الْفَرِيقُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَعْلَمُ قَبْلَ إِعْلَامِ اللهِ - تَعَالَى - إِيَّاهُمْ بِأَنَّ الْإِيْمَانَ الصَّحِيحَ الَّذِي يَتَوَكَّلُ صَاحِبُهُ - بَعْدَ اتِّخَاذِ الْأَسْبَابِ وَالْوَسَائِلِ - عَلَى الْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْعِنَايَةِ الْغَيْبِيَّةِ، وَعَمَلُ الصَّالِحَاتِ الَّذِي يُصْلِحُ النُّفُوسَ، وَيُؤَلِّفُ - مَعَ الِاعْتِقَادِ - بَيْنَ الْقُلُوبِ، هُمَا أَكْبَرُ أَسْبَابِ الْقُوَّةِ، وَأَقْرَبُ وَسَائِلِ السِّيَادَةِ وَالسَّعَادَةِ، وَقَدْ جَاءَ هَذَا الْإِرْشَادُ وَالتَّأْدِيبُ فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ مَكْرَهُمُ السَّيِّئَ كَانَ مَثَارًا لِبَعْضِ الْخَوَاطِرِ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَالْكَلَامُ تَأْدِيبٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَدٌّ عَلَى الْيَهُودِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الْكَلَامِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ عَامَّةً وَمَا يُلَامُ عَلَيْهِ الْفَرِيقَانِ مِنْهُمُ - الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى - فَقَالَ:
(وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) .

اسم الکتاب : تفسير المنار المؤلف : رشيد رضا، محمد    الجزء : 1  صفحة : 349
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست