اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 827
الرّخصة في الشّطرنج
مرّ أمير المؤمنين رضي اللّه عنه بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون و لم يأمرهم أن يرفضوه. و قيل: إنما قال لهم ذلك لأنها كانت على صورة الأفراس و الفيلة، و سأل الرشيد معن بن عيسى عنه، فقال: ما فقدناه من مجالس قريش التي كنا نهاب أن نمر بها.
و كان الشعبي يلعب مستدير الحذقة. و سئل عنه الحسن رضي اللّه عنه، فقال: لا بأس به ما لم يكن قمارا فإنه احتيال. و سئل أبو العباس بن شريح عنه، فقال: إذا سلمت أيديهما من الطغيان و لسانهما من العدوان و صلواتهما من النسيان، فهو مباح بين الإخوان غير محرم على الخلان.
كراهيّة الشّطرنج و ذمّه
قال أمير المؤمنين رضي اللّه عنه فيه: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون، فسماها تماثيل. و مر عبد الرحمن بن عوف رضي اللّه عنه بقوم يلعبون، فقال: قد وضعت الحرب أوزارها ثم خلطه. و روي عن محمد بن الحنفية رضي اللّه عنه أنه كره اللعب. و كان المأمون يستهزئ بالشطرنج مع جودة لعبه به، و يقول: لا يفوق المرء فيه إلا باستفراغ الذهن كله له و لا يبلغ قدر ذلك و كان الفضل بن يحيى يجيد اللعب به، و كان يذمّه و يقول:
لا يقمر اللاعب به إلا بكد الجوارح و لا يبلغ قدره ذلك. قال المتنبّي:
و غير فؤادي للغواني رمية # و غير بناني للرخاخ ركاب [1]
و قال شاعر:
لعب الشطرنج شوم # فاجتنبها يا مشوم
إنّما عدّت لقوم # شأنهم شأن عظيم
ملك يجبى إليه # أو وزير أو نديم
هبك فيها ألعب النا # س فما ذا يا حكيم
و كان أهل المدينة إذا خطب إليهم من يلعب الشطرنج لم يزوّجوه، و يزعمون أنه إحدى الضرتين. و قيل: إنما وضع للعجم الذين لا علم لهم فإذا اجتمعوا تلاحظوا تلاحظ البقر، فجعلوا ألعبهم به مشغلة.
وصف الشّطرنج
قال شاعر:
أرض مربّعة حمراء من أدم # ما بين خلّين موصوفين بالكرم
[1] الغواني: المومسات-الرخاخ: جمع رخ و هو حجر الشطرنج.
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 827