اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 690
قيل له: بخّلت الناس كلهم، فقال: كذّبوني بواحد.
قال كشاجم:
اجتنب النّاس طريق النّدى # كأنّما قد أنبت العوسجا [1]
و هذا مأخوذ من قول بعضهم، و قد سمع رجلا يقول: تجنّب الناس طريق الندى، فقال: ذاك طريق نبت فيه العوسج:
أ كلّ وميض بارقة كذوب # أ ما في الدّهر شيء لا يريب
و شاع البخل في الأشياء حتّى # يكاد يشحّ بالريح الهبوب
فكيف أخصّ باسم العيب شيئا # و أكثر ما أشاهده معيب
و قال ابن نباتة:
كيف السبيل إلى الغنى # و البخل عند النّاس فطنه؟
معاتبة من يرجو لئيما
قيل: من أمل فاجرا فأدنى عقوبته أن يحرمه. و سأل أعرابي رجلا فحرمه، فقال له أخوه: نزلت بواد غير ممطور و رجل غير مسرور، فارتحل بندم أو أقم بعدم. ذم العبّاس بن الحسين بعض الوزراء، فقال: الذليل من اعتزى إليك و الفقير من أملك. و قيل:
كدمت غير مكدم [2] ، نفخت لو تنفخ في فحم، هيهات تضرب في حديد بارد.
و قال رجل: إني أقصد فلانا راجيا نداه، فقال له صاحبه:
ترجو النّدى من إناء قلّما ارتشحا # كالمستذيب لشحم الكلب من ذنبه [3]
و قال أبو العتاهية:
و إنّ من يرتجي نداك كمن # يحلب تيسا من شهوة اللبن
و قال بعضهم:
أ من دار الكلاب تروم عظما # لقد حدّثت نفسك بالمحال
و قال إسماعيل القراطيسي:
لقد أحللت حاجاتي # بواد غير ذي زرع
و قال أبو تمّام:
و ما لي من ذنب إلى الرزق خلته # سوى أملي إيّاكم للعظائم
و نحوه:
سجدنا للقرود رجاء دنيا # حوتها دوننا أيدي القرود
[1] العوسج: جمع عوسجة جنس شجيرات شائكة الأغصان، يستعمل سياجا.