اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 614
قال بعض الحكماء: قبيح للرجل أن يركب الفرس فيكون الفرس هو الذي يدبر الفارس، و أقبح من ذلك أن تكون هذه النفس التي ألبسناها هي التي تدبرنا لا نحن ندبّرها.
قال شاعر:
إذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى # إلى بعض ما فيه عليك مقال
و قال أبو العتاهية:
إذا طاوعت نفسك كنت عبدا # لكلّ دنيئة تدعو إليها
و قال عبيد العنبري:
يعدّ الفتى أعداءه و صديقه # و نفس الفتى أعدى عدوّ يحاوله
و قال آخر:
إذا المرء لم يترك طعاما يحبّه # و لم ينه قلبا غاويا حيث يمّما [1]
قضى و طرا منه و غادر سبّة # إذا ذكرت أمثالها تملأ الفما
و قال آخر:
و أنت إذا أعطيت فرجك سؤله # و بطنك نالا منتهى الذمّ أجمعا
و قد مضى بعض ذلك في موضع آخر.
النفس تنبسط إذا بسطت و تنقدع إذا قدعت
قال منصور بن عمار: عود نفسك الخير فإن النفس عروف ألوف، و اعتبر أنك إذا أصبحت مفطرا طمعت في الغداء و إذا أصبحت صائما يئست منه. قال أبو ذؤيب:
و النفس راغبة إذا رغّبتها # و إذا تردّ إلى قليل تقنع
و قال بعضهم: لا تحدث نفسك بالفقر و طول البقاء و لكن حدثها بالكفاف و الفناء، قال أبو العتاهية:
اقنع لنفسك ترضها # و املك هواك و أنت حرّ
و قال آخر:
و ما النفس إلا حيث يجعلها الفتى # فإن طمعت تاقت و إلا تسلّت [2]
مدح قادع نفسه عن الشّهوات
قد مدح اللّه قادع نفسه عن الشهوات، فقال: وَ أَمََّا مَنْ خََافَ مَقََامَ رَبِّهِ وَ نَهَى اَلنَّفْسَ عَنِ