اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 597
سئل حكيم عن الزهد، فقال: أن لا تطلب المفقود حتى تفقد الموجود. و قيل:
ظلّف النفس عن الشهوة. و قال سفيان: هو قصر الأمل لا أكل الغليظ و لبس العباء.
و قال يونس بن حبيب: هو ترك الراحة. و سئل الجنيد عنه، فقال: خلو الأيدي من الأملاك و خلو القلب من التتبع. و سئل مرة، فقال: ترك ما في الدار على من في الدار.
و ذكر الزهد عند الفضيل، فقال: هو حرفان في كتاب اللّه تعالى: لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم. و هذا يوافقه قول من قيل له من الزاهد؟فقال: من لم يغلب الحرام صبره و لا الحلال شكره.
و سئل الجنيد رحمه اللّه عمّن لم يبق عليه من الدنيا إلا مقدار مص نواة، فقال:
المكاتب عبد ما بقي عليه درهم.
و قال يحيى: الزاهد هو الذي بلغ من حرصه في تركها حرص الحريص في طلبها.
و قال إبراهيم بن أدهم رحمه اللّه: الزهد ثلاثة، زهد فرض و ذلك في الحرام و زهد فضل و ذلك في الحلال و زهد سلامة و ذلك في الشهوات.
و قيل: أصل القناعة و الزهد اليقين، فمن أيقن قنع و زهد و قال ذو النون: الزهد الاستخفاف بثلاثة أشياء بالنفس و الشيء و الخلق فإذا استخف بالنفس عزّ به و إذا استخف بالشيء ملكه، و إذا استخف بالخلق خدمه. اليقين ترك التدبير فيما لا تملك. الحرص طلب ما في يد الغير. و قيل: الحرص تضييع الكثير و طلب القليل.
حقيقة التوكّل و وصفه
قيل: التوكل هو الاعتماد على الحقّ و التخلّي من الخلق. و قيل: الاستسلام لما قضى. و قيل: الثقة باللّه فيما ضمن. و قيل: الاكتفاء بضمانه و إسقاط التهم في قضائه.
و قيل للحارث ما علامة المتوكل؟فقال: أن لا يحركه إزعاج المستبطئ فيما ضمن له من رزقه، فقيل له: هل ينقص من توكله قصده من يسد جوعته، فقال: لا، لأن النبي صلّى اللّه عليه و سلم خرج فلقيه أبو بكر و عمر، فقال: ما الذي أخرجكما، قالا الجوع، فقال: أخرجني الذي أخرجكما، فدخلوا منزل أبي الهيثم فأكلوا و شربوا.
و قيل: التوكّل الانقطاع إلى اللّه تعالى في إيصال النعماء و دفع البلاء، ثم تلا قوله تعالى: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اَللََّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ[1] .
خيّر يوسف عليه السلام بين خصلتين، فاختار إحداهما، فقيل له: اخترت فتركناك مع اختيارك فبقي في السجن ما بقي.
ذمّ المال
قال اللّه تعالى: أَنَّمََا أَمْوََالُكُمْ وَ أَوْلاََدُكُمْ فِتْنَةٌ[2] و قال المسيح عليه السلام: لا خير