اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 44
و قيل: ما هلك امرؤ عن مشورة. و قيل: الرأي الواحد كالسجيل و الرأيان كالحيطتين و الثلاثة أمداد لا ينقض.
و قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: نعم الموازرة [1] المشاورة و بئس الاستعداد الاستبداد. الأحمق من قطعه العجب عن الاستشارة و الاستبداد عن الاستخارة. من شاور الأودّاء أمن من الأعداء.
نصف رأيك مع أخيك فاستشره.
الحثّ على مشاورة الحازم اللبيب
قال الجاحظ: أحسن ما قيل في المشورة قول بشّار:
إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن # بحزم نصيح أو نصيحة حازم [2]
و لا تجعل الشّورى عليك غضاضة # فإنّ الخوافي قوّة للقوادم [3]
و قوله:
و لا كلّ ذي رأي بمؤتيك نصحه # و لا كلّ مؤت نصحه بلبيب
و لكن إذا ما استجمعا عند واحد # فحقّ له من طاعة بنصيب [4]
و قال عبد اللّه بن معاوية:
و إن باب أمر عليك التوى # فشاور نبيها و لا تعصه [5]
و قال عمر رضي اللّه عنه: الرجال ثلاثة رجل ذو عقل و رأي فهو يعمل عليه، و رجل إذا أحزنه أمر أتى ذا رأي فاستشاره، و رجل جائر بائر [6] لا يأتي رشدا و لا يطيع مرشدا.
الحثّ على استشارة الكبار
قال زياد لأبي الأسود [7] : لو لا أنّك كبرت لاستعملتك و استشرتك، فقال: إن كنت تريدني للصراع فليس في، و إن كنت تريد الرأي فهو وافي. و قيل: زاحم بعود أو دع.
و قيل: عليك برأي الشيوخ، فقد مرّت على وجوههم عيون العبر و تصدّعت لاسماعهم آثار الغير.