responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 217

العطلة في حال الولاية، و لا تحقرنّ شيئا صغيرا، فالذود [1] إلى الذود إبل، و الولاية رقدة فتنبّه قبل أن تنبه. و أخو السلطان أعمى عن قليل سوف يبصر، و ما هذه الوصية كما أوصى به الحكماء، و لكنّي رأيت الحزم في أخذ العاجل و ترك الآجل.

من أريد عزله فاحتال أن يقرّ على ولايته‌

كتب معاوية إلى عمرو بن العاص و إلى المغيرة [2] ، أن يقدما عليه. فقدم عمرو من مصر و المغيرة من الكوفة. فقال عمرو للمغيرة: ما جمعنا معاوية إلا ليعزلنا. فإذا دخلت فاشك إليه الضعف، و استأذنه أن تأتي الطائف. و أنا أسأله مثل ذلك فسيظنّ أنا نريد به شرا، فسيردنا إلى العمل.

فدخل المغيرة فسأله أن يعفيه و أن يأذن له في الذهاب إلى الطائف، ثم دخل عمرو فسأله مثل ذلك فقال معاوية لقد تواطأتما على أمر و هممتما بشر ارجعا إلى عملكما.

و لما استخلف سليمان بن عبد الملك تهدّد الحجّاج بالعزل فكتب إليه الحجاج: يا سليمان إنما أنت نقطة من مداد، فإن رأيت في ما رأى أبوك و أخوك كنت لك كما كنت لهما، و إلا فأنا الحجّاج. و أنت نقطة إن شئت أثبتك و إلا محوتك فأقرّه على عمله.

و كان معاوية عزل عمرا عن مصر بأبي الأعور السلمي، و كتب إليه على يده، و قال:

ائته و ادفع إليه الكتاب و أخرجه. فلما انتهى إلى مصر علم عمرو سبب مورده، فقال لوردان غلامه: احتل عليه. فقال: نعم. فلما دخل، و أراد أن يناوله الكتاب حلف أن لا يأخذ الكتاب أو يأكل فقعد للأكل مع عمرو. فاحتال وردان و سرق كتبه. فلما فرغ و طلب الكتاب لم يجده. فقال: إن أمير المؤمنين عزلك بي. فقال: هات الكتب فلم يجدها، فاضطرب. فكتب عمرو في الوقت إلى معاوية و أرضاه، فلما سمع بخبره ضحك و أمر برد أبي الأعور إليه.

و قدم عمر رضي اللّه عنه الشام فتلقاه معاوية في موكب عظيم، و كان عمر على حمار هزيل، فلم يعرفه معاوية، و جازه حتى نبّه. فنزل له فاعرض عنه عمر، و قال: قد صرت صاحب الموكب و ذوو الحاجات تقف على بابك. قال: نعم، فقال: و نعم أيضا؟فقال:

إنني ببلد يكثر فيه جواسيس العدوّ و لا بد مما يرهبهم من آلة السلطان، فإن أمرتني فعلت و إن نهيتني انتهيت. فقال عمر رضي اللّه عنه: لا آمرك و لا أنهاك، و اللّه لئن صدقت لقد فعلت فعل أريب، و لئن كذبت فقد اعتذرت عذر أديب. فقال أبو عبيدة: ما أحسن ما صدر عما أوردته فقال عمر رضي اللّه عنه لحسن مصادره و موارده جشّمناه ما جشّمناه.


[1] الذود (من الإبل) : من الثلاث إلى الثلاثين.

[2] المغيرة: هو المغيرة بن شعبة و هو أحد الصحابة، كوفي المنبت. تولّى زمن عمر بن الخطاب ولاية البصرة و كان أحد دهاة العرب المشهورين، مات بالطاعون سنة 46 هـ (666 م) .

اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست