responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 174

صعوبة تولّيها

قيل لعبد الملك: أسرع إليك الشيب، فقال: كيف لا؟و أنا أعرض عقلي في كل جمعة على النّاس.

و قيل: نعم الشي‌ء الأمارة، لو لا قعقعة البريد و صعوبة المنبر.

و قيل: إياك و الخطبة فإنها مشوار كثير العثار [1] . و قيل: لا يقدم على الخطبة إلا فائق أو مائق‌ [2] .

و قال عبد اللّه القسري: هو مقام لا يقومه إلا أهوج أو قليل الحياء.

و قال عمر رضي اللّه عنه: لا يتصعّدني شي‌ء كما تتصعدني خطبة النكاح. و قيل: إنما صعب عليه لقرب الوجوه من الوجوه و من صعد المنبر رأى نفسه أرفع فيكون أجسر.

و قيل أنه لا يجد من تزكية الخاطب بدا فلذلك كرهه.

من ارتج عليه فيها فاعتذر بعذر حسن‌

ارتج على عثمان رضي اللّه عنه، فقال: إنكم إلى أمير فعّال أحوج منكم إلى أمير قوّال.

و ارتج على يزيد بن المهلب فلما نزل قال:

فإن لا أكن فيكم خطيبا فإنّني # لسيفي إذا جدّ الوغا لخطيب‌

فقيل: لو قلت هذا على المنبر، لكنت أخطب العرب. و صعد خالد بن عبد اللّه القسري المنبر فأرتج عليه فقال: إن هذا الكلام يجي‌ء أحيانا، و يعسر أحيانا و ربما طلب فأبى و كوبر فعتا. التأنّي لمجيئه أيسر من التعاطي لأبيّه. و قد يختلط من الجري‌ء جنانه و ينقطع من الذرب لسانه، و سأعود فأقول.

و ارتج على أبي العباس السفّاح لما صعد المنبر فنزل ثم صعد، و قال: أيّها النّاس إن اللسان بضعة من الإنسان، يكل بكلاله إذا كلّ و يرتجل لارتجاله إذا ارتجل. و نحن أمراء الكلام بنا تفرّعت فروعه، و علينا تهدّلت غصونه، ألا و إنا لا نتكلم هذرا بل نسكت معتبرين و ننطق مرشدين.

من اعتذر بخرافة أو نادرة

حضر عبد اللّه بن عامر على منبر البصرة فاشتد جزعه فقيل: إن هذا مقام صعب فامتحن فيه غيرك. فأمر وازع بن مسعود أن يصعد و يخطب فلما ابتدأ الكلام حصر، فقال:

لا أدري ما أقول لكم، و لكنني أشهدكم أن امرأتي طالق فهي التي أكرهتني على حضور الصلاة. ثم أمر آخر فصعد المنبر فارتج و نظر إلى الصلع فقال: اللهمّ العن هذه الصلعة.


[1] العثار: مصدر عثر، أي زلّ و كبا. و مثله تعثّر.

[2] المائق: الأحمق.

اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست