اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 131
و قال يزيد بن المهلّب لابنه، حين استخلفه على خراسان [1] : إذا كتبت كتابا فأكثر النظر فيه، فإنما هو عقلك تضع عليه طابعك، و إن كتاب الرجل موضع عقله، و رسوله موضع رأيه.
بقاء الخطّ
قال بعض الشّعراء
و ما من كاتب إلا استبقى # كتابته و إن فنيت يداه
فلا تكتب بخطّك غير شيء # يسرّك في القيامة أن تراه
و قال الخليل:
كتبت بخطّي ما ترى في دفاتري # عن النّاس في عصري و عن كلّ غابر
و لو لا عزائي أنّه غير خالد # على الأرض لاستودعته في المقابر
فضل الخطّ المستحسن
قيل في قوله تعالى: يَزِيدُ فِي اَلْخَلْقِ مََا يَشََاءُ[2] إنّه الخطّ الحسن. قال الشاعر:
أضحكت قرطاسك عن جنّة # أشجارها من حكم مثمره
مسودّة سطحا و مبيضّة # أرضا كمثل الليلة المقمرة
و نظر الحسن بن رجاء إلى خطّ حسن فقال: خطّك منتزه الألحاظ و مجتنى الألفاظ فلان فصيح القلم.
و نظر أعرابي إلى إسماعيل و هو يكتب بين يدي المأمون، فقال: ما رأيت أطيش من قلمه و أثبت من حكمه.
و قال ابن المعتزّ:
إذا أخذ القرطاس خلت يمينه # تفتح نورا أو تنظم جوهرا
و قيل لبعضهم: كيف ترى إبراهيم الصولي؟فقال:
يولّد اللؤلؤ المنثور منطقه # و ينظم الدرّ بالأقلام في الكتب
و تحاكم إلى الحسن بن سهل صبيّان في خطّيهما، فقال لأحدهما: خطّك تبر مسبوك [3] ، و قال للآخر: خطّك وشي محوك [4] ، و قد تسابقتما إلى غاية فوافيتما في نهاية.
[1] خراسان: في القديم بلاد واسعة بين نهر أموداريا شمالا و جبال هند و كوش في الجنوب، و بلاد فارس في الغرب و هي تشمل اليوم إيران الشمالية و أفغانستان. و خراسان بالفارسية معناها شمس المشرق.