اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 118
و قالت مليكة بنت الحطيئة: يا أبت كنت ترغب عن القصار فصرت ترغب فيها، فقال: لأنها في الآذان أولج [1] و على الفكر أروج و النّاس إليها أحوج.
و قيل لآخر مثل ذلك فقال: حسبك غرة لائحة و سمة واضحة. و قال آخر: إذا مدحتم فأقصروا و إذا هجوتم فأطيلوا فالشرّ لا يملّ. و قال الصاحب: إن عبّاد إذا أطال قصّر و إذا قصر لم يقصّر.
قال عبد الملك لعديّ بن أرطاة: لم لا تقول الشعر؟فقال: كيف أقوله و أنا لا أشرب و لا أطرب و لا أغضب.
و قال الفرزدق: ربّما أتت عليّ ساعة و قلع ضرس أهون عليّ من قول بيت.
و قال عبيد: حال الجريض [3] دون القريض [4] ، و استأذن الغالبي على عبّاد فأذن له، فأنشده:
لما أنخنا بالوزير ركابنا # مستعصمين بجوده أعطانا
من لم يزل للنّاس غيثا ممرعا # متخرّقا في جوده [5] ...
و أنسي القافية. فجعل يردّد، فقال عبّاد: قل: كشجانا أو قرنانا و خلصّني فتذكّر و قال: في جوده معوانا.
و تبع رجل جماعة من الشعراء دخلوا على سلطان فلما أنشدوه قال للرجل: ما عندك؟ قال: أنا من الغاوين. فقال: ما معنى ذلك؟قال: قال اللّه تعالى: وَ اَلشُّعَرََاءُ يَتَّبِعُهُمُ اَلْغََاوُونَ[6] فأنا غاو تبعتهم، فضحك منه و أعطاه.
اشتمال الشعر على نقاية و نفاية
قال أبو عمرو بن العلاء: شعر بشّار سباطة الملوك فيها قطعة ذهب، و ما شئت من رماد، و السباطة الكساحة، و أنشد بعضهم:
يا عائب الشعر مهلا # فعيبك الشعر عيب
الشعر كالشّعر فيه # مع الشّيبة شيب
و قال بعضهم في وصف شاعر: ثوب بواف و مطرف بآلاف.
و قال شدّاد الأعرابي: مثل الشعر مثل الإبل، فيها الكرام و الخساس يسدّ بعضها خصاص بعض.