responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 107

و سئل عوف بن أمية السكوتي عن نسج الشعر فقال: إن جددت كذبت، و إن هزلت أضحكت، فأنت بين كذب و إضحاك.

و قيل للبيد: لم لا تقول الشعر؟فقال: في سورة البقرة و آل عمران شغل عن الشعر:

الكلب و الشاعر في منزل # فليت أنّي لم أكن شاعرا

هل هو إلا باسط كفّه # يستطعم الوارد و الصادرا

و قال: ما أجد آكلا للسحت‌ [1] ، و لا أوضع و لا أطمع و أطبع، و أقلّ نفسا من شاعر متكسب بشعره.

و قال الحسن رضي اللّه عنه في الفرزدق‌ [2] حين أوعده بالهجاء: هذا الذي جعل إحدى يديه سطحا و الأخرى سلحا، فقال: إن أصلحتم سطحي و إلا رميتكم بسلحي. و لما حبس عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه الحطيئة بسبب الزبرقان ثم عفا عنه، قال: إياك و الشعر فأخرج لسانه و قال: ما لأولادي كاسب غيره‌ [3] . قال عمر: فلا تهجهم. فقال: إن لم أهجهم لم يفرقوني‌ [4] فلا يعطوني. قال: فاذهب فبئس الكسب كسبك.

تعظيم الشعر

مرّ الفرزدق بمؤدّب، و كان ينشد عليه صبيّ، قول الشاعر:

و جلا السيول عن الطلول كأنّها # زبر تجدّ متونها أقلامها [5]

فنزل و سجد فقال المعلم: ما هذا؟فقال هذه سجدة الأشعار نعرفها كما تعرفون سجدة القرآن.

و لما قدم أبو تمّام على الحسن بن رجاء، فأنشده قصيدته فيه حتى انتهى إلى قوله:

لا تنكري عطل الكريم من الغنى # فالسيل حرب للمكان العالي‌ [6]

قام قائما، و قال: و اللّه ما سمعتها إلا و أنا قائم، لما تداخله من الأريحية فلما فرغ قال: ما أحسن ما جلوت هذه العروس. فقال أبو تمام: لو أنها من الحور العين لكان قيامك أوفى مهر لها.


[1] السحت: ما خبث و قبح من المكاسب، الحرام.

[2] أحد شعراء المثلث الأمويّ و الآخران هما الأخطل و جرير.

[3] قوله: ما لأولادي كاسب غيره، يعني أن لسانه هو سبب كسبه رزقهم فالناس يعطونه خوفا من هجائه.

[4] يفرقوني: يخافوني.

[5] هذا البيت من معلقة لبيد بن ربيعة، و فيه يقول: بأن السيول كشفت عن الأطلال، فبدت كأنها زبر أي كتابة تجدّدها الأقلام.

[6] يقول أبو تمّام للتي نفت عنه الكرم لأنه ليس غنيا: إن الكريم أشبه بالقمة العالية التي لا يستقر عليها الماء كما لا يستقرّ المال في يد الكريم و هو لذلك عاطل عن الغنى.

اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست