اسم الکتاب : محاضرات الأدباء و محاورات الشعراء و البلغاء المؤلف : الراغب الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 104
و قال ديمقراطس: عالم معاند خير من جاهل منصف، فقال تلميذه: الجاهل لا يكون منصفا، و العالم لا يكون معاندا.
و قيل: كثرة الخلاف حرب و كثرة الموافقة غشّ.
المستأذن في سؤال مسألة
قال ابن شبرمة لأياس بن معاوية: أ تأذن لي في مسألة ألقيها إليك؟فقال إياس:
استربت بك حين استأذنت، فإن كنت لا تسوء جليسا، و لا تشين [1] مسئولا فهاتها.
و قال أبو العيناء: لعبيد اللّه: أسأل أم أسكت؟فقال: إن سألت أفدت و إن سكت كفيت.
شروط المناظرة
اجتمع متكلّمان، فقال أحدهما : هل لك في المناظرة؟فقال: على شرائط أن لا تغضب، و لا تعجب، و لا تشغب، و لا تحكم، و لا تقبل على غيري و أنا أكلمك، و لا تجعل الدعوى دليلا، و لا تجوز لنفسك تأويل آية على مذهبك إلا جوزت إلى تأويل مثلها على مذهبي، و على أن تؤثر التصادق، و تنقاد للتعارف و على أنّ كلامنا يبني مناظرته على أن الحقّ ضالته و الرشد غايته.
و قال أبو يعقوب الخطابي لجلسائه: إنّما اجتمعتم للأدب لا بجوار و لا نسب، فوفوه حقّه و لا تثلبوا أحدا. فمن ثلب ثلب و إيّاكم و المراء في الأديان فإنها مفسدة بين الإخوان، و نقص عند أهل الزمان. و عليكم بالأصول، و لا تكثروا فتملوا و استريحوا إلى ما يوافق من الأدب، فإنه غض أبدا غير مملول، و لا تتجاوزوا في النّحو قدر الحاجة، فغاية الحاذق فيه معروفة.
و قيل: كان يعقوب الخطابي إذا جلس إليه أصحابه يقول: اعفونا من ثلاث و خوضوا بعد فيما شئتم: من ذكر السلف، و أن تقولوا فلان خير من فلان، و من ذكر القدر.
قال مسلمة بن عبد الملك: ما أوتي العبد بعد الإيمان باللّه شيئا أحبّ إليّ من جواب حاضر، لأن الجواب إذا كان بعد نظر و تفكّر، لم يكن بشيء. أ لم تسمع قوله تعالى: أَ لَمْ تَرَ إِلَى اَلَّذِي حَاجَّ إِبْرََاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتََاهُ اَللََّهُ[3] إلى قوله: فَبُهِتَ اَلَّذِي كَفَرَ[4] ، و قال عمرو ابن العاص: ما اتقيت جواب أحد من الناس غير جواب ابن عبّاس (رضي اللّه عنه) ،