responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شعر الفتوح الاسلاميه في صدر الاسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 41
وقد يبدو الأمر متناقضًا إذا ما رأينا إجماع المؤرخين المحققين على أن فتح العراق وفارس وما وراءهما لم يدر بخلد المسلمين في هذه الفترة ابتداء، وإنما دار هذا الخاطر بنفس أبي بكر حينما كان النصر يحالف ألويته في حروب الردة، فمذ قضى خالد بن الوليد على مسيلمة باليمامة، ومذ نشر المهاجر بن أمية وعكرمة بن أبي جهل لواء الإسلام في أرجاء اليمن وما جاورها، أيقن أبو بكر أن الأمر صائر إلى ما يرضي المسلمين، من الوحدة الفكرية والسياسية لشبه الجزيرة العربية، ولكنه كان يخشى أن يستنيم المسلمون لهذا النصر، وينسوا ما تنطوي عليه صدور العرب من حفيظة قد تضطرم فتضرم الثورة كرة أخرى، وربما يكون في اتجاه أنظار هؤلاء العرب إلى ما وراء الحدود في شبه الجزيرة ما يجعلهم ينسون حفائظهم وأحقادهم.
واتجه ذهن أبي بكر إلى اقتحام مشارف الشام وحرب قيصر، بعدما كان من سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم نحو تأمين التخوم العربية بحملاته الشهيرة مما يصرف أذهان العرب عن ثاراتهم، ويجعل لهم من الفخار ما ينسيهم ضغنهم على المدينة وأهلها، ويمهد لانتشار كلمة الله في الإمبراطورية الرومية، ولكن.. ألا يمكن أن تنقلب الآية فلا يحالف النصر ألوية المسلمين، فتتعرض شبه الجزيرة لما هو أكثر شرًّا من الثورة التي أخمدتها حروب الردة؟ حقًّا لقد قامت بين إمبراطورية الروم وفارس حروب استطالت على السنين، تداولوا فيها النصر والهزيمة، حتى انتهى الغلب فيها للروم، وقد استنفدت هذه الحروب من قوة الدولتين ما يحتاج جهدًا ضخمًا وزمنًا طويلًا لتعويضه، ولكن بريق النصر الذي انتهى إليهم في هذه الحروب لا يزال يبهر أنظار العرب ويصدهم عن حربهم، ويجعل التفكير فيها مغامرة غير مضمونة العواقب.
وعلى الرغم مما لاقى العرب من دسائس الفرس في فتنة الردة فلم يدر بخاطر أبي بكر أن يحارب "فارس"، فضلًا عن استشراء نفوذها في اليمن، فإن الحجاز لا يتصل بفارس. والبلاد العربية التي تتاخم الفرس هي البلاد التي فشت فيها الردة؛ ولهذا لا يمكن الاعتماد عليها، أو الركون إلى أهلها في غزو دولة لا يزال لها سلطانها عليهم.
ومن هذا يتضح ضعف تلك الآراء التي تجعل من الصراع الشهير بين الدولتين الفارسية والرومية حافزًا للعرب على الفتوح. فالحقيقة السافرة أن هزيمة الدولة الفارسية على
اسم الکتاب : شعر الفتوح الاسلاميه في صدر الاسلام المؤلف : النعمان عبد المتعال القاضي    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست