responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رساله الصاهل والشاجح المؤلف : أبو العلاء المعري    الجزء : 1  صفحة : 114
وهكذا في النسخ القديمة. وقد غيره بعض الناس كراهة الكف، قالوا:
وإِن كان لي مولى وكنتم بني أَبي
ونحن نعني بالكف أشياء كثيرة: إن شئت كف البصر، وإن شئت كف اليد؛ وكل منع يقع بالإنسان فهو كف. ويقبض " السيد عزيز الدولة " - أعز الله نصره - يد عوده أن تنبسط. كما قبضت عروض الطويل فلم ينشرها أحد من الفصحاء المتقدمين ولا نشرها أحد من فحول الإسلام.
غير أن " الجعفي " فعل ذلك في كلمته التي أولها.
لِجنِّيَّةٍ أَمْ غادةٍ رُفعَ السَّجفُ
وهو قوله:
تَفكُّرُه عِلْمٌ ومَنطِقُه حُكْمُ ... وباطنُه دِينٌ وظاهرُه ظَرْفُ
وقد عابه عليه " اسماعيل بن عباد، الصاحب ".
وإنما يزول قبض هذه العروض في التصريع إذا وقع في الضرب الأول.
ولم يكن - أعز الله نصره - يخليه من القبض في مواضع سوى هذه، كما قال " امرؤ القيس ":
سَمَاحةَ ذا وبشرَ ذا ووفاءَ ذا ... ونائلَ ذا، إِذا صَحَا وإِذا سَكِرْ
والقبض سقوط الخامس. ويجوز أن نعني به قبض النفس، من قولك: قبض الله روحه. وهل يأمن المتعرض لمضرة المسلمين - وإن كان مثله مثل قول " امريء القيس ":
أَلا انْعِمْ صباحاً أَيها الطلَلُ البالي
ومثل قول " الشماخ ":
أَلا يا اصْبَحاني قبلَ غارةِ سِنْجالِ ... وقبل منايا نازلاتٍ وأَشغالِ
أن تدور عليه الدائرة فينعكس أمره حتى يحسب من الأركاء الضعفاء؟ فإن هذين البيتين وغيرهما من الأبيات التامة المحسوبة من الطويل والبسيط، تدور عليهن الدائرة التي وضعها " الفرهودي " فيصرن في رتبة قول " إسماعيل بن القاسم ":
عُتْبَ ما للخيالِ ... خبِّريني ومالِي
ما لَه لم يَزُرْني ... طارقاً مُذْ ليال
وهذا من أضعف أوزان الشعر وأركهن. ولم تستعمله الجاهلية ولا الفحول في الإسلام. وإنما عمله " إسماعيل بن القاسم " على هيئة اللعب. وإذا أردت أن تخرج من قول القائل:
قِفَا نَبْك من ذكرى حبيبٍ وعرفان
مثل قول " إسماعيل ":
عُتبَ ما للخَيالِ
فأسقط من أوله: " قفا نبك من " والذال والكاف من " ذكرى " ثم زد أسقطت من أول البيت، على آخره. فإنه يخرج منه وزن بيتين من أبيات " إسماعيل " لأن كل بيت من أبياته مثل نصف هذا الوزن.
ولم يكن " السيد عزيز الدولة " - أعز الله نصره - يعدمه حذفاً و " الخليل " لم يذكر الحذف إلا في الضرب الثالث. وهذا الحذف الذي ذكرت، هو شيء يحدث في آخر النصف الأول، كما قال " النابغة ":
جزى اللهُ عَبْساً، عبسَ آلِ بَغيضٍ ... جزاءَ الكلابِ العاوياتِ، وقد فَعَلْ
وكما قال " القتال الكلابي ":
لقد ولدتْ لي بنتُ عبدِ منافِ ... أميمةُ، عزّاً إن غضبتُ ومَغضَبَا
وإنما عنيت بالحذف نقصاً يلحق الطاغية في جسده أو عسكره.
ولو قرب وهو يريد الحرب، وقد مثلته بالطويل. لأدركته المعاقبة من " السيد عزيز الدولة " - أعز الله نصره - وذلك أن " الخليل " جعل المعاقبة في الطويل سقوط الخامس من السباعي تارة، وسقوط السابع أخرى.
وأنا أعني بالمعاقبة مصدر: عاقبته، من العقوبة.
وإن كان في عسكره بطاريق ورؤساء يجرون مجرى الوافر والكامل لأنهما لا يبلغان رتبة أملاك الشعر - وهي خمسة: الطويل بضروبه الثلاثة، والضربان الولان من البسيط - فإن " السيد عزيز الدولة "، أعز الله نصره، يلقي من كان منهم في منزلة الوافر بالعضب والعصب والعقص والقصم والعقل والنقص، ويجعل ذا الرمح منهم أجم.
وذلك أن " الخليل " جعل الأعضب مثل قول " الحطيئة ":
إن نزل الشتاءُ بدارِ قومٍ ... تجنَّبَ جارَ بيتهمُ الشتاءُ
وقد جاء في شعر " الجعفي " مثل هذا وهو قوله:
إِنْ تكُ طيِّيءٌ كانتْ لِئاماً
والأعقص عند " الخليل " مثل قول القائل:
لولا مَلِكٌ رءوف رحيم ... تغمَّدَني برحمته هلكت
والأقصم عند " الخليل " مثل قول " هدبة ":
إِني من قُضاعة مَنْ يَكِرْها ... أَكِرْه وهْيَ مني أَمانِ
إن سكنت الياء فهو أقصم، وإن حركتها فهو أعضب.
والعقفل عند " الخليل " مثل البيت المنسوب إلى " كعب بن زهير ":
وحِفْظي الوُدَّ للأَخِ المُداني
إذا خففت الخاء.
والنقص عنده مثل قول الآخر:
اسم الکتاب : رساله الصاهل والشاجح المؤلف : أبو العلاء المعري    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست