اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 450
و أما الدابة التي هي أحد اشراط الساعة، فقال ابن عمر رضي اللّه تعالى عنهما في قوله تعالى: وَ إِذََا وَقَعَ اَلْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنََا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ اَلْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ[1] قال: إذا لم يأمروا بالمعروف، و لم ينهوا عن المنكر. قيل: إنها دابة طولها ستون ذراعا ذات قوائم و وبر، و قيل: هي مختلفة تشبه عدة من الحيوانات، يتصدع لها جبل الصفا فتخرج منه ليلة جمع، و الناس سائرون إلى متى. و قيل: تخرج من الحجر و قيل: من أرض الطائف، و معها عصا موسى، و خاتم سليمان عليهما السلام، لا يدركها طالب و لا يعجزها هارب تضرب المؤمن بالعصا، و تكتب في وجهه مؤمن، و تطبع الكافر بالخاتم و تكتب في وجهه كافر. كذا رواه الحاكم في أواخر المستدرك عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، و فيه عن أبي الطفيل عن أبي شريحة عن النبي صلى اللّه عليه و سلم، أنه قال: «يكون للدابة ثلاث خرجات في الدهر: تخرج أول خرجة بأقصى اليمن، فيفشو ذكرها بالبادية، و لا يدخل ذكرها القرية، يعني مكة. ثم يكون زمان طويل ثم تخرج خرجة أخرى قريبا من مكة فيفشو ذكرها في البادية، و يدخل ذكرها القرية، يعني مكة، ثم يكون زمان فبينما الناس يوما في أعظم المساجد عند اللّه حرمة، و أحبها إلى اللّه تعالى، و أكرمها على اللّه عز و جل، يعني المسجد الحرام، لم يرعهم إلا و هي في ناحية المسجد بين الركن الأسود و باب بني مخزوم، فترفض الناس عنها شتى، و تثبت لها عصابة من المسلمين عرفوا أنهم لن يعجزوا اللّه هربا فتنفض عن رءوسهم التراب، فتجلو عن وجوههم حتى تظل كأنها الكواكب الدرية، ثم تذهب في الأرض فلا يدركها طالب، و لا يعجزها هارب، حتى إن الرجل ليعوذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه فتقول: أي فلان الآن تصلي؟فيلتفت إليها فتسمه في وجهه، ثم تذهب فيتجاور الناس في ديارهم، و يصطحبون في أسفارهم، و يشتركون في أموالهم، يعرف المؤمن من الكافر، حتى إن الكافر يقول: يا مؤمن اقضني، و يقول المؤمن: يا كافر اقضني. و روى السهيلي أن موسى عليه السلام سأل ربه عز و جل أن يريه الدابة التي تكلم الناس، فأخرجها اللّه له من الأرض، فرأى منظرا أفزعه و هاله، قال: أي رب ردها، فردها. قال: و الدابة اسمها أقصد. كذا ذكره محمد بن الحسن المقري في تفسيره انتهى.
روى أنها تخرج حين ينقطع الخير، و لا يؤمر بالمعروف، و لا ينهى عن المنكر، و لا يبقى منيب و لا تائب.
و في الحديث [2] : «أن الدابة و طلوع الشمس من المغرب، من أول اشراط الساعة» . و لم يعين الأول منهما، و كذلك الدجال و ظاهر الأحاديث أن طلوع الشمس آخرها، و الظاهر إن الدابة التي تخرج واحدة، و روي أنه يخرج من كل بلد دابة، مما هو مبثوث نوعها في الأرض، و ليست بواحدة، فعلى هذا يكون قوله تعالى دابة اسم جنس.