responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 443

دابتي فيروز. و قد انهزم عدونا، و أنت تسير إلى جانبي و قد جاءنا الفرج من حيث لا نحتسب، فمددت عيني فرأيت على الأرض خاتما فأخذته فإذا فصه فيروزج، فجعلته في إصبعي و تبركت به فانتهيت، و قد أيقنت بالظفر فإن الفيروزج الفرج جاء و معناه الظفر، و لذلك لقب الدابة فيروز.

قال ابن العميد: فلم أبرح إذ أتانا الخبر و البشارة بأن العدو قد رحل و تركوا خيامهم، فما صدقنا حتى تواترت الأخبار فركبنا و لا نعرف سبب هزيمتهم و سرنا حذرين من كيدهم و مكرهم، و سرت إلى جانبه و هو على دابته فيروز، فصاح ركن الدولة بغلام بين يديه ناولني ذلك الخاتم فأخذ خاتما من الأرض فناوله إياه فإذا هو من فيروزج فجعله في اصبعه، و قال: هذا تأويل رؤياي، و هذا هو الخاتم الذي رأيته في منامي بعينه. قال: و هذا عن أعجب ما يحكى و اسم ركن الدولة الحسن أبو علي، و كان ملكا جليلا مهابا و كان قد ملك أصبهان و الري و همذان، و جميع عراق العجم و قد فتح أكثر البلاد و ملكها و قرر قواعدها و ضبطها. توفي في المحرم سنة ست و ستين و ثلاثمائة و كان عمره تسعا و تسعين سنة و كانت مدة ملكه أربعا و أربعين سنة. و في شفاء الصدور لابن سبع السبتي عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه تعالى عنه أن النبي صلى اللّه عليه و سلم‌ [1] قال: «لا تضربوا وجوه الدواب فإن كل شي‌ء يسبح بحمده» و قد تقدم عنه حديث في البهيمة قريب من هذا و في كتاب الاحياء في باب كسر الشهوتين، حديث «لا يستدير الرغيف، و يوضع بين يديك حتى يعمل فيه ثلاثمائة و ستون صانعا أو لهم ميكائيل الذي يكيل الماء من خزائن الرحمة، ثم الملائكة التي تزجي سحابا، ثم الشمس و القمر و الأفلاك، و ملوك الهواء و دواب الأرض، و آخر ذلك الخباز وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اَللََّهِ لاََ تُحْصُوهََا [2] و روى الإمام أحمد و البيهقي في الشعب، عن محمد بن سيرين، قال:

خرجت دابة تقتل الناس، فمن دنا منها قتلته فجاء رجل أعور فقال: دعوني و إياها فدنا منها فوضعت رأسها له حتى قتلها. فقالوا: حدثنا بأمرك، فقال: ما أصبت ذنبا قط إلا ذنبا واحدا بعيني هذه، فأخذت سهما و فقأتها به. قال الإمام أحمد: و لعل هذا كان جائزا في شريعة بني إسرائيل، أو في شريعة من كان قبلنا أما في شريعتنا فلا يجوز فق‌ء العين، التي ينظر بها إلى ما لا يحل له. لكن يستغفر اللّه تعالى من ذلك و لا يعود إليه.

و ذكر [3] ابن خلكان في ترجمة الربيع الجيزي أنه مر يوما بسكة من سكك مصر، فطرحت عليه إجانة من رماد، فنزل عن دابته، و نفض ثيابه فقيل له أ لا تزجرهم!فقال: من استحق النار فصولح على الرماد، لم يجز له أن يغضب. و الربيع بن سلمان هذا صاحب الشافعي، و هو أحد رواة القول الجديد عن الشافعي. و توفي سنة خمس و مائتين. و الجيزي نسبة إلى الجيزة قبالة مصر، و الأهرام في عملها بالقرب منها، و هي من عجائب أبنية الدنيا، و الأهرام قبور لملوك عظام، أرادوا أن يتميزوا بها على سائر الملوك بعد مماتهم، كما تميزوا عليهم في حياتهم. قيل: إن المأمون لما وصل مصر أمر بنقب أحد الهرمين فنقب بعد جهد شديد، و غرامة نفقة عظيمة، فوجد داخله مراق و مها، و يعسر سلوكها، و وجد في أعلاها بيتا، مكعبا، طول كل ضلع من أضلاعه ثمانية أذرع، و في وسطه حوض من صوّان مطبق فيه رمة بالية، قد أتت عليها العصور فكف عن نقب ما


[1] رواه ابن حنبل: 4/131.

[2] سورة إبراهيم: الآية 34.

[3] وفيات الأعيان: 2/292.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 443
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست