responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 393

فقلت: لم أر أحدا فإن أردت الخروج فاخرجي. فقالت: الآن يا محمد اختر لنفسك واحدة من اثنتين: إما أن افتت كبدك و إما أن أنفث في فؤادك فأدعك بلا روح!فقلت: يا سبحان اللّه أين العهد الذي عهدت إلي، و اليمين الذي حلفت لي، ما أسرع ما نسيته و خنت؟فقالت: يا محمد ما رأيت أحمق منك إذ نسيت العداوة التي كانت بيني و بين أبيك آدم، حيث أخرجته من الجنة، فليت شعري ما الذي حملك على اصطناع المعروف مع غير أهله؟قال: فقلت لها: و لا بد لك من قتلي؟قالت: لا بد من ذلك. قال: فقلت لها: أمهليني حتى أصير تحت هذا الجبل، فأمهد لنفسي موضعا. قالت: شأنك و ما تريد. قال محمد: فمضيت أريد الجبل، و قد أيست من الحياة، فرفعت طرفي إلى السماء، و قلت: يا لطيف الطف بي بلطفك الخفي، يا لطيف يا قدير أسألك بالقدرة التي استويت بها على العرش، فلم يعلم العرش أين مستقرك منه، يا حليم يا عليم يا عظيم يا حي يا قيوم يا اللّه إلا ما كفيتني شر هذه الحية. ثم مشيت فعارضني رجل صبيح الوجه طيب الرائحة تقي الثوب فقال لي: سلام عليك فقلت: و عليك السلام يا أخي. فقال: ما لي أراك قد تغير لونك و اضطرب كونك؟فقلت: من عدو قد ظلمني قال لي: و أين عدوك؟قلت: في جوفي. قال: فافتح فاك، ففتحته فوضع فيه مثل ورقة زيتون خضراء، ثم قال: امضغ و ابلع فمضغت و بلعت. قال محمد: فلم ألبث إلا قليلا حتى مغصني بطني و دارت الحية في بطني فرميت بها من أسفل قطعا قطعا، و ذهب عني ما كنت أجده من الخوف، فتعلقت بالرجل، فقلت: يا أخي من أنت الذي منّ اللّه علي بك؟فضحك ثم قال: أ ما تعرفني قلت: اللهم لا. قال: يا محمد بن حمير إنه لما كان بينك و بين هذه الحية ما كان، و دعوت اللّه بهذا الدعاء، ضجت ملائكة السموات السبع إلى اللّه عزّ و جلّ فقال اللّه تبارك و تعالى و عزتي و جلالي بعيني كل ما فعلت الحية بعبدي، و أمرني سبحانه و تعالى أن انطلق إلى الجنة، و خذ ورقة خضراء من شجرة طوبى و الحق بها عبدي محمد بن حمير، و أنا يقال لي المعروف و مستقري في السماء الرابعة، ثم قال: يا محمد بن حمير عليك باصطناع المعروف فإنه يقي مصارع السوء، و إنه و إن ضيعه المصطنع إليه لم يضع عند اللّه تعالى.

فائدة أخرى:

روى الحاكم و صححه عن أبي اليسر رضي اللّه تعالى عنه، أن النبي صلى اللّه عليه و سلم كان يدعو: «اللهم إني أعوذ بك من الهدم و التردي، و أعوذ بك من الحرق و الغرق، و أعوذ بك من أن يتخبطني الشيطان عند الموت، و أعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا و أعوذ بك أن أموت‌ [1]

لديغا» . قال الجاحظ: و تأويل هذا عند العلماء، أنه لا يتفق للإنسان أن يكون موته بهذا العدو إلا و هو من أعداء اللّه تعالى، بل من أشدهم عداوة، فكان عليه الصلاة و السلام يتعوذ منه لذلك.

فائدة أخرى:

يقال: لسعته الحية و العقرب تلسعه لسعا فهو ملسوع. قال بعض العلماء المتقدمين: من قال في أول الليل و أول النهار: عقدت لسان الحية و زبان العقرب و يد السارق بقول: أشهد أن لا إله إلا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه، أمن من الحية و العقرب و السارق، و من الفوائد المجربة النافعة، أن يسأل الراقي الملدوغ إلى أين انتهى الوجع في العضو؟ثم يضع


[1] رواه أبو داود في الوتر: 32. و النسائي في الاستعاذة: 61. ابن حنبل: 2/256.

اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري    الجزء : 1  صفحة : 393
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست