اسم الکتاب : حياة الحيوان الكبري المؤلف : الدميري الجزء : 1 صفحة : 372
قيل له: كفى بنفسك رجلا حسيبا. و كان الحسن البصري إذا قرأها قال: يا ابن آدم أنصفك و اللّه من جعلك حسيب نفسك. و قيل في قوله تعالى: سَيُطَوَّقُونَ مََا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ اَلْقِيََامَةِ[1]
أي يلزمون أعمالهم كما يلزم الطوق العنق. يقال: طوق فلان الحمامة، أي ألزم جزاء عمله. روى الإمام أحمد في الزهد عن مطرف أنه قال: إذا أنامت، فلا تحبسوني لكي يجتمع الناس، فأطوقهم طوق الحمامة. و من هذا المعنى. قول عبد اللّه بن جحش لأبي سفيان:
أبلغ أبا سفيان عن # أمر عواقبه ندامه
دار ابن عمك بعتها # تقضي بها عنك الغرامه
و حليفكم باللّه رب النـ # اس مجتهد القسامه
اذهب بها اذهب بها # طوّقتها طوق الحمامه
أي لزمه عارها. قال الإمام عبد الرحمن السهيلي: هذا المثل منتزع من قول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم «من غصب شبرا من الأرض، طوقه يوم القيامة من سبع أرضين» [2] . و قوله: طوق الحمامة لأن طوقها لا يفارقها و لا تلقيه عن نفسها أبدا، كما يفعل من لبس طوقا من الآدميين. و في هذا البيت، من حلاوة الإشارة، و ملاحة الاستعارة مالا مزيد عليه. و في قوله: طوق الحمامة ردّ على من تأوّل قوله صلى اللّه عليه و سلم: «طوّقه من سبع أرضين» أنه من الطاقة، لا من الطوق في العنق. و قاله الخطابي في أحد قوليه، مع أن البخاري قد قال في بعض رواياته: خسف به إلى سبع أرضين.
و في مصنف ابن أبي شيبة «من غصب شبرا من أرض جاء به اسطاما في عنقه» . و الاسطام كالحلق من الحديد و قالوا: «أخرق من حمامة» [3] لأنها لا تحكم عشها و ذلك لأنها ربما جاءت إلى الغصن من الشجرة فتبني عليه عشها في الموضع الذي تذهب به الريح فينكسر من بيضها أكثر مما يسلم قال عبيد بن الأبرص [4] :
إذا سكن المخدور بقربها أو في بيت يجاورها أو في بيت هي فيه برئ. و في مجاورتها أمان من الخدر و الفالج و السكتة و السبات. و هذه خاصية عظيمة بديعة و دمها إذا اكتحل به حارا نفع من الجراحات العارضة للعين و الغشاوة. و دمها خاصة يقطع الرعاف الذي من حجب الدماغ، و إذا خلط بالزيت ابرأ من حرق النار و زبل الحمام حار، و أشده حرارة زبل